٣ ـ إعجاز القرآن في تصور العلوم الحديثة
قبل الدخول في هذا البحث لابدّ من الإشارة إلى نقطتين لتصحيح أي نوع من سوء الفهم بصدد هذا البحث :
١ ـ يجب أن لا يتوقع أحد أن يُبيّن القرآن الكريم جميع مسائل العلوم الطبيعية وأسرار وخواص كل الأشياء ، لأنّ القرآن لم ينزل لبيان هذه الامور ، فهو ليس دائرة للمعارف أو كتاباً لعلم طبقات الأرض «الجيولوجيا» أو لعلم النبات وإنّما هو كتاب للتربية والهداية ، نزل ليقود الناس إلى حياة طيبة مقترنة بالسعادة والفضيلة ويحكمها الصدق والأمانة والنظام والرحمة ، وليوصلها في النهاية إلى القرب من الله تعالى.
وأمّا الغرض من قوله تعالى في صدد القرآن الكريم : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانَاً لِّكُلِّ شَىءٍ). (النحل / ٨٩)
فهو لبيان كليات الامور التي تتعلق بنجاة الإنسان وسعادته وتربيته ولذلك يقول تعقيباً على هذه الجملة : (وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلمُسْلِمِينَ). (النحل / ٨٩)
بيدَ أنّ بعضاً من الآيات الإلهيّة ومن أسرار الخلق في العالم وفي وجود الإنسان ذاته تساعد على معرفة الله والتعرف على عظمة عالم الخلائق الذي هو من صنع الله تعالى ، لذلك قد نجد أحياناً إشارات إلى هذه المسائل بين الآيات القرآنية وقد رفعت الستار عن امور خفيت واستترت عن جميع علماء العالم في ذلك الوقت.
وملخص الكلام هو : أنّ الإتيان ببعض أسرار العلوم وحقائق عالم الوجود في القرآن لا لعرض العلوم الطبيعية أو لتأليف دائرة للمعارف بل الغرض منه هو تبيين الأهداف التربوية