شاكلة الهروب من دائرة النار في حالة دورانها وذلك عندما ينقطع سلكها ويتطاير الشرر من قطع النار المتقاذفة) ، أمّا لو كانت القوة الجاذبة متساوية مع القوة الدافعة بدون أدنى نقيصة أو زيادة ، فسيظهر في هذه الحالة العمد اللامرئي القوي حتى يثبتها في موضعها الخاص كما أنّ الكرة الأرضية تتحرك في دورانها حول الشمس بمدار معين ملايين السنين بدون أن تقترب منها أو تبتعد عنها ، وهذه من دلائل عظمة الله وإعجاز القرآن.
ومن الظريف أنّ المفسرين القدامى وقفوا على هذه النكتة إجمالاً بيد أنّهم لم يعبِّروا عنها سوى بالقول بمسألة القدرة الإلهيّة ، بحيث يقول «ابن عباس» وفقاً لنقل الطبرسي في «مجمع البيان» والآلوسي في «روح المعاني» : إنّ معنى الآية هو أنّ السماء تكون بدون عمد قابل للمشاهدة ، وعليه يكون عمدها هو القدرة الإلهيّة الهائلة (١).
* * *
٢ ـ القرآن وخلقُ العالم
إنّ للقرآن الكريم تعابير وإشارات متعددة حول حدوث العالم ، إذ يقول في أحد المواضع : (ثُمَّ اسْتَوَى الَى السَّمَاءِ وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلَارْضِ ائتِيَا طَوْعَاً اوْ كَرْهَاً قَالَتَا اتَيْنَا طَائِعِينَ). (فصلت / ١١)
وفي موضع آخر يقول : (اوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا انَّ السَّموَاتِ وَالْارضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَىءٍ حَىٍّ افَلا يُؤْمِنُونَ). (الأنبياء / ٣٠)
لقد اشير في هاتين الآيتين إلى ثلاث نكات مهمة في صدد خلق العالم والموجودات الحيّة :
١ ـ كان العالم في بادىء الأمر على شكل غاز وبخار.
٢ ـ كان العالم متصلاً في البداية ثم فصلت الكرات السماوية عن بعضها الاخرى.
٣ ـ بدأت خلقة الموجودات الحية من الماء.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٢٧٤ ؛ وتفسير روح المعاني ، ج ١٣ ، ص ٧٨.