وَالارْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحهَا* اخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا* وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا). (النازعات / ٢٧ ـ ٣٢)
وتدل هذه الآيات بوضوح أيضاً على كون السماء مخلوقة قبل الأرض ، ثم إنّ ظهور الماء والنباتات والجبال كان بعد الانتهاء منها.
وبناءً على ذلك ، يكون هذا الأمر هو الشيء الذي يؤكّد عليه العلم الحديث ، وهو يرى أنّ الأرض وجدت بعد وجود الشمس ، ويعتبر ظهور الماء من سطح الأرض ، ومن ثم النباتات وكذلك ظهور الجبال بعد خلق الأرض.
* * *
٣ ـ القرآن وحركة الأرض
نقرأ في قوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِى اتْقَنَ كُلَّ شَىءٍ انَّهُ خَبيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ). (النمل / ٨٨)
تتجلّى في هذه الآية عدّة نكات :
أولاً : إنّ الجبال التي تبدو ساكنة في نظركم ، هي في حركة سريعة كسرعة حركة السحب ، (وينبغي الالتفات إلى أنّ السرعة الفائقة تُشَبَّهُ عادة بسرعة السَّحاب ، إضافة إلى خلو الحركة السريعة للسحب من التزلزل والصخب).
ثانياً : إنّ هذا هو صنع الله الذي خلق كل شيء بميزان معين.
ثالثاً : إنّ الله عزوجل مطلع على أفعالكم.
عند التأمل بدقّة في هذه الجمل الثلاث ، يتضح أنّ الآية لا ترتبط بيوم القيامة كما تخيَّل بعض المفسرين ، بل ترتبط بنفس هذه الدنيا ، إذ تقول : «أنتم تتخيلونها وتتصورونها هكذا في حين أنّها ليست كذلك» ، وأمّا حركة الجبال في القيامة أو على مشارف القيامة فليست هي من الامور المخفية والمبهمة ، بل إنّها واضحة ومهوِّلة بحيث لا يقوى أحد على تحملها والصبر على مشاهدتها.