ومن العلماء الأوائل الذين اكتشفوا حركة الأرض هم كل من «غاليلو» الايطالي ، و «كبرنيك» البولندي ، وذلك بعد مرور ما يقارب الألف سنة ، إذ اعلنوا عقيدتهم في آواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر الميلاديين ، ممّا أثار على الفور حفيظة أرباب الكنيسة بشدّة بحيث هدّدوهما بالقتل ، في حين أنّ القرآن الكريم كشف الستار عن هذه الحقيقة بعشرة قرون قبلها ، وطرح بعباراته البديعة المتقدمة حركة الأرض باعتبارها إحدى علائم التوحيد والعظمة الإلهيّة.
وعلى كل حال ، فممّا لا شك فيه أنّ هذه الآية تتحدث عن حركة الجبال (وبتعبير آخر حركة الأرض) في هذه الدينا ، ذلك لأنّ حركة الجبال عند وقوع يوم القيامة ، تُحدثُ زلزالاً قوياً في الكرة الأرضية بحيث يقول تعالى عنها (يَومَ تَروْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أرْضَعَتْ وتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَملٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكارَى وَمَاهُمْ بِسُكارَى ...). (الحجّ / ٢)
وهذا الكلام لا ينسجم مع جملة : (تَحْسَبُها جَامِدَةً) على الاطلاق.
إضافة إلى أنّه لا يبقى مجال لأفعال الخير والشر في تلك اللحظات الحرجة ، حتى يتأتى القول بأنّ الله تعالى مطلع على الأفعال التي نقوم بها.
والقول بأنّ الآيات التي تسبق الآية المتقدمة أو ما بعدها ترتبط بالقيامة لا يمكن اعتباره دليلاً قطعياً على أنّ مفهوم هذه الآية يرتبط بالقيامة ، لأنّ هذا ليس أحد المصاديق النادرة في القرآن ، فَرُبَّ آية تتحدث في مسألة معينة وتتحدث التي قبلها أو بعدها عن مسألة اخرى. وبعبارة اخرى فالإطلاع على محتوى الآية نفسها والقرائن الموجودة فيها أهم وأفضل من الملاحظات الاخرى.
وهذه النكتة تستحق الاهتمام أيضاً وهي أنّ التشبيه بحركة السحب بالإضافة إلى أنّه إشارة إلى السرعة الفائقة لها ، يعتبر جواباً قاطعاً عن هذا السؤال ، وهو إذا كانت الأرض متحركة فلماذا لا نشعر بها؟ فيأتي الجواب إنّها تتحرك ببطءٍ ومرونة وهدوءٍ بحيث لا يمكن تشخيص ذلك ، كما لو صعد أحد على السحاب مثلاً ، فانّه لم يكن يشخص حركتها أيضاً.
وممّا يدعو إلى الاهتمام هذه النكتة أيضاً وهي أنّ القرآن يقول : (الَمْ نَجْعَلِ الارْضَ