كِفَاتَاً* احْيَاءً وَامْوَاتَاً). (المرسلات / ٢٥ ـ ٢٦)
ونشاهد في قواميس اللغة التي من جملتها «المفردات» للراغب وكتاب «العين» أنّه قد ذكر معنيان للفظة «كِفات» المأخوذة من مادة «كَفْت» وهما الجمع والطيران السريع ، فاذا كان المعنى الأول هو المقصود ، يكون مفهوم الآية على أن جعلنا الأرض محطاً لاجتماع بني البشر في حياتهم ، وما تحت الأرض مقراً لاجتماعهم بعد مماتهم ، وإذا كان المقصود المعنى الثاني ، يكون مفهومها الطيران السريع للأرض. وهذا يتناسب مع الحركة الانتقالية للأرض حول الشمس التي تسير دائريّاً بسرعة فائقة ـ تقدر بـ (٢٠) كيلو متر في كل ثانية و (١٢٠٠) كيلو متر في كل دقيقة ـ ثم إنّها تحمل الأموات والأحياء معها وتدور بهم حول الشمس.
ولعل السبب في اطلاق لفظة «كَفْت» على الطيران السريع ، هو أنّ الطيور عندما تريد أن تطير بسرعة فائقة في السماء تجمع أجنحتها بصورة كاملة وبشكل متناوب وتسبح في الفضاء ، لكن نظراً لكون لفظة «كَفْت وكِفات» تحتمل معنين ، لم نذكر هذه الآية بعنوان أحد الأدلة القطعية على مسألة دوران الأرض.
* * *
٤ ـ القرآن وحركة المنظومة الشمسية
يقول القرآن الكريم : (وَالْشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ* لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا انْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلَا الليْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). (يس / ٣٨ ـ ٤٠)
كما تقدمت الإشارة إليه من قبل أنّ النظرية التي تحدثت في صدد السماء والأرض وسيطرت على المحافل العلمية في عصر نزول القرآن والقرون السابقة واللاحقة عليه ، هي نظرية الهيئة ل «بطليموس» الذي كان يعتبر الأرض مركز العالم ، ويعتقد أنّ النجوم والشمس مندكَّة في قلب الأفلاك البلورية ، ويتصور أنّ الأفلاك تدور حول أطراف الأرض.