كلمة «دابة» تطلق على الموجودات الجسمانية فحسب ولا تطلق على الملائكة.
ولهذا ففي الموضع الذي يريد القرآن الكريم أن يذكر الملائكة يتحدث عنها بصورة مستقلة بعد ذكر كلمة «الدابة» ، كما نقرأ ذلك في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى السَّمواتِ وَمَا فِى الارْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لَايَسْتَكْبِرُونَ). (النحل / ٤٩)
بحيث نجد أنّ «الملائكة» جعلت في قبال «الدابة» ، وهذا يدل على عدم شمول كلمة الدابّة للملائكة في الآية التي جاء ذكرها في بحثنا هذا.
ومن الظريف ما يقوله «الفخر الرازي» في تفسير الآية الواردة في بحثنا هذا بأنّه : «لا يستبعد أن يقال إنّ الله خلق في السموات أنواعاً من الموجودات الحية تمشي كما يمشي الإنسان على وجه الأرض» (١).
ونقرأ في حديث ظريف عن الإمام علي عليهالسلام ما يلي : «هذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المدائن التي في الأرض مربوطة كل مدينة إلى عمودٍ من نور» (٢).
ووردت في بعض المصادر الإسلامية روايات اخرى في هذا المجال (٣).
ومن المعلوم أنّ هذه المعلومات استقيت من نفس المصدر الذي استقاه القرآن الكريم ، وإلّا لم يطلع أحد على هذه المسائل في ذلك العصر.
* * *
٧ ـ القرآن وخلق الجبال
وردت في القرآن الكريم عبارات مختلفة وغنية في معانيها في مجال خلق الجبال ، يقول تعالى في أحد المواضع : (وَالْقَى فِى الارْضِ رَوَاسِىَ انْ تَمِيدَ بِكُمْ وَانْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). (النحل / ١٥)
وفي موضع آخر يقول تعالى : (الَمْ نَجْعَلِ الارْضَ مِهَادَاً* وَالْجِبالَ اوْتَادَاً). (النبأ / ٦ ـ ٧)
ونقرأ في آية اخرى قوله عزوجل : (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَواسِىَ شَامِخَاتٍ وَاسْقَيْنَاكُمْ مَّاءً فُرَاتاً). (المرسلات / ٢٧)
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٧ ، ص ١٧١.
(٢) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٥٧٤ ، مادة (النجم).
(٣) لمزيد من الاطلاع راجع كتاب «الهيئة والإسلام».