الله وأن لا نُشرك به شيئاً ونخلع ما كنّا نعبد من الأصنام وأمرنا بصدق الحديث وأداءِ الأمانة وصلة الرحم وحسنِ الجوار والكفّ عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم ، وأمرنا بالصلاة والصيام .... فآمنّا به وصدّقناهُ وحرَّمنا ما حرّمَ علينا وحللنا ما أحلَّ لنا فتعدى علينا قومُنا فعذَّبونا وفتنونا عن ديننا ليردّونا إلى عبادة الأوثان فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادِك واخترناكَ على من سواك ورَجَونا أن لا نُظلم عندك أيّها الملك» فقال النجاشي بعد أن سمع آيات من القرآن حول مريم والمسيح عليهماالسلام : «اذهبوا فأنتم آمنون ما احبُّ أنّ لي جبلاً من ذهبٍ وأنني آذيتُ رجلاً منكم» (١).
ورجع سفراء قريش خائبين منكسين رؤوسهم.
وقد اقترن بتلك الأيّام إسلام رجل قوي من بني هاشم وهو الحمزة بن عبد المطلب (٢) فزاد المسلمون قوة فوق قوتهم وصمموا على تلاوة القرآن بشكل جماعي وسط الملأ من قريش ، وأول من قام بهذا العمل هو ابن مسعود فتعرض للضرب والشتم.
ويذكر التأريخ : «فغدا عليهم في الضحى حتى اتى المقام وقريش في انديتها ثمَ رفعَ صوتَهُ وقرأ سورة «الرحمن» فلما علمت قريش أنّه يقرأ القرآن قاموا إليه يضربونه وهو يقرأ ثم انصرف إلى أصحابهِ وقد اثّروا في وجههِ ، فقالوا : هذا الذي خشينا عليك ، فقال : ما كان أعداءُ الله أهون عليَّ منهم اليوم ولئن شئتم لأغادينَّهم ، قالوا : حسبُك» (٣).
ومن هنا نفهم أنّ المسلمين كانوا يؤدون عباداتهم إلى جانب الكعبة حيث كان عددهم يزيدُ على الستين شخصاً وكانوا يتزاورون في بيوتهم لتعلّم القرآن.
الحصار الاقتصادي :
ولما أدركت قريش عدم تأثير جميع الأساليب التي اتخذتها وظل الإسلام يشق طريقه
__________________
(١) سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٣٥٨ ؛ والكامل ، ج ١ ، ص ٤٩٩ ؛ وتفسير جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٧٣.
(٢) سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٣١١ ؛ والكامل ، ج ١ ، ص ٥٠١ ؛ وتفسير جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٧٤.
(٣) سيرة ابن هشام ، ج ١ ؛ ص ٣٣٦ ؛ الكامل ، ج ١ ، ص ٥٠٢ ؛ وتفسير جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٧٣.