الموجودات الأرضية ، بحيث يولد الاضطراب في كل شيء.
إلّا أنّ لوجود الجبال التي هي بمثابة «الدولاب الثابت» دور في الاحتفاظ بكل هذه الضغوط المثبتة فيها والمنفية فتحدُّ دون حدوث الصدمات ، وتحافظ على الحركة المتوازنة للأرض ، وعلى حد تعبير القرآن تقف مانعاً دون حدوث الاهتزازات وزعزعة الاستقرار.
ولو كان البحث في زمن هذه الآيات قائماً على قدم وساق في مجال مباحث «الدولاب الثابت» وآثاره في ذلك العصر ، لما كانت التعبيرات في هذه الآيات مدهشة ومثيرة ، ولكن نظراً إلى عدم وجود مثل هذه المسائل في ذلك الزمن على الاطلاق ، خصوصاً أنّه لم يكن للفيزياء معنى في محيط الجزيرة العربية ، فضلاً عن هذه المسائل المعقدة ، فلابدّ من الاعتراف بأنّ بيان مثل هذه الآيات تعبير عن احدى المعاجز العلمية الكبرى (١).
والنكتة الاخرى هي أنّ القرآن الكريم عندما يتحدث عن تكوين الجبال يقول : (وَالْقَى فِى الارْضِ رَواسِىَ). ويقول في مكان آخر : (أَمَّن جَعَلَ الارْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالِهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ). (النمل / ٦١)
هذه التعابير ونظائرها التي تكررت في القرآن تبين بوضوح أنّ الجبال خلقت بعد خلق الأرض ، وقد أثبت العلم الحديث هذا المعنى بوضوح أيضاً ، وذهب إلى القول بأنّ الكثير من الجبال حدث على أثر إلتواء الأرض ، والبعض حدث على أثر المواد الذائبة المحرقة ، والبعض الآخر حدث بسبب تنقية المواد الرخوة من اطراف المواد الصلبة للأرض الذي يحصل على أثر نزول المطر ، وكل ذلك تحقق بعد خلق الأرض وايجادها .. وممّا لا ريب فيه أنّ هذه المسائل لم تكن معروفة حين نزول هذه الآيات من القرآن.
* * *
٨ ـ عنصر الزوجية بين النباتات في القرآن
وردت الإشارة إلى عنصر الزوجية في عالم النباتات في آيات خمس من القرآن
__________________
(١) ما تقدم أعلاه موجز من مقال محقق تحت عنوان «أثر الجبال في استقرار الأرض» (مسألة الدولاب الثابت) في المجلة الدينية والعلمية المدرسة الإسلامية العدد ٨ ، السنة ١٣ (ص ٦٨ ـ ٧٣ باللغة الفارسية) ، ولمزيد من الاطلاع حول هذا الموضوع والوقوف على جزئياته راجع المقال المذكور.