يَعْلَمُونَ). (يس / ٣٦)
فهذه الآية تبين ـ بوضوح أكثر ـ شمولية عنصر الزوجية للنباتات والبشر والأشياء الخارجة عن حدود العلم البشري ، ونظراً لأنّ كثيراً من المفسرين لم يجدوا هنا مفهوماً للزوجية بالمعنى الحقيقي (أي عنصري الذكر والانثى) ، فقد عمدوا إلى تفسيرها بالأصناف المختلفة للموجودات في العالم التي تبدو على شكل زوج زوج مثل : النهار والليل ، النور والظلمة ، البحر والبر ، الشمس والقمر وغيرها.
لكننا نجد تفسيراً أدق لهاتين الآيتين في وقتنا الحاضر ، حيث إنّ التحقيقات العلمية أثبتت هذه الحقيقة بوضوح وهي أنّ جميع الموجودات لعالم المادة تتشكل من أجزاء صغيرة جدّاً تدعى بالذرة ، وهذه الأجزاء التي عرفت قديماً بالموجود الذي لا يتجزء (أجزاء لا تتجزأ) وسمي بـ «الذرة» لهذا السبب قد تحطم على أثر تطور القدرة العلمية والفكرية للإنسان ، ومن هذا المنطلق نشأت القوة الذرية والصناعات المتعلقة بها.
وعندما حلّلوا الذرة وجدوا أنّها مركبة من أجزاء متكونة غالباً من الألكترونات (الجزئيات التي تغلف النواة ، وتحمل شحنة سالبة) ، البروتونات (الجزئيات التي تحمل شحنة موجبة).
وعلى هذا الأساس نستنتج من ذلك معنى أدق للزوجية في كل ذرات عالم الوجود وهو توفر عنصري (الذكر) و (الانثى) ، (الموجب) و (السالب) ، (الفاعل) و (القابل) وبدون أي استثناء أيضاً ، في حين أنّ التفسير الذي قال به العلماء الأوائل بالرغم من عدم انسجامه الكامل مع مفهوم الزوجية ، فإنّ فيه استثناءات كثيرة أيضاً.
وعلى أي حال ، توجد هناك جاذبية قوية بين الزوجين الحقيقيين ، وكذلك بين جسمين بشحنتين كهربائيتين مختلفتين سالبة وموجبة ، وهي كثيراً ما تشابه الجاذبية الجنسية ، في حين لا يوجد أي نوع من أنواع الجاذبية بين الليل والنهار ، النور والظلمة ، البحر والبر ، وما شابه ذلك.
ومن الجدير بالذكر ماصرح به بعض المفسرين القدامى من خلال ما استلهموه من