١٢ ـ القرآن والغلاف الجوي للأرض أيضاً
نقرأ في قوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ انْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدرَهُ لِلإِسلَامِ وَمَنْ يُرِد انْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَانَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّماءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَؤْمِنُونَ). (الأنعام / ١٣٥)
وربّ سؤال يتبادر إلى الذهن وهو :
ماهي العلاقة بين الصعود إلى السماء وضيق الصدر؟
وهو سؤال لم يجد له المفسرون الأوائل جواباً دقيقاً.
قال كثير منهم : إنّ المقصود من ذلك هو كما أنّ الصعود إلى السماء أمر عسير أو محال كذلك تحصيل الإيمان بالنسبة إلى الكفار المعاندين والجهلاء المتعصبين (١).
في حين أنّ الأعمال الشاقة والمستحيلة كثيرة على وجه الأرض فليس هناك مبرر للتشبيه ، إضافة إلى أنّ هذا التفسير بحاجة إلى تقدير : وهو أنّ الإيمان يشابه الصعود إلى السماء ، في حين أنّ القرآن يقول : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَانَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّماءِ).
وقالوا في بعض المواضع : شبَّه الله الكافر في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه ، كما أنّ صعود السماء لايطاق (٢) ، ولا يخفى عدم تناسب هذا التفسير مع محتوى الآية أيضاً.
أمّا بالنظر إلى الاكتشافات الأخيرة فإنّ للآية المتقدمة تفسيراً آخر يناسب هذا المعنى من كل الجهات وهو :
لقد ثبت اليوم أنّ الهواء المحيط بأطراف الكرة الأرضية مضغوط بصورة كاملة في الأماكن المجاورة لسطح الأرض ويلائم تنفس الإنسان ويناسبه ، لأنّه يحتوي على الاوكسجين الكافي ، وكلما ابتعدنا عن سطح الأرض أصبح الهواء أقل كثافة فيغدو التنفس شاقاً جدّاً على ارتفاع عشرة كيلو مترات عن سطح الأرض بدون استخدام الإنسان نقاب الاوكسجين ، ويصاب بحالة من الضيق الحاد في التنفس ، وكلما ارتفع إلى الأعلى أكثر ،
__________________
(١) تفاسير مجمع البيان ؛ روح البيان ؛ تفسير القرطبي و ... ذيل الآية مورد البحث.
(٢) تفسير روح البيان ، ج ٣ ، ص ١.