٤ ـ الاعجاز التاريخي للقرآن
دور التاريخ في المسائل التربوية :
ممّا لا يقبل الشك أنّ القرآن ليس كتاباً تاريخياً ، لكنه ولأسباب مختلفة فانه يضم بحوثاً تاريخية متنوعة ، وذلك لأن المسائل التربوية وبالأخص الاجتماعية لا يمكنها أن تنفصل عن المباحث المرتبطة بـ (تاريخ القدماء) لأنّ التاريخ من أكبر معلمي الحياة وهو معيار جيد لتحديد وتبيين مزايا وخصائص المباديء الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفصل الحقائق عن الأوهام والمثاليات عمّا يناقضها.
إنَّ عظمة التاريخ تكمن في اظهاره المسائل الفكرية والعقلائية في قالب محسوس تؤدي خدمة كبيرة لفهم المسائل الإنسانية بصورة صحيحة ، فمن جملة المسائل التي تُستنبط من التاريخ هي : إلى أين تؤول عاقبة الظلم والجور والاستبداد ، وماهي نتيجة الاختلاف والتشرذم ، وما هي خاتمة التعصب والعناد والانانية ، وعدم الاعتناء بالحقائق الواقعية؟
ولهذا السبب يمكن القول : إنّ التاريخ هو معين الحياة الذي يمد الإنسان بالعمر والبقاء ، فمن خلال مطالعة تاريخ القدماء نحصل على صفحات مركزة هي عصارة آلاف السنين من التجارب الإنسانية توضع بين يدي جيل الحاضر والمستقبل.
وأشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة المهمّة بجملة مختصرة إذ يقول :
(لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّاوْلي الأَلبَابِ مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىءٍ وَهُدىً وَرَحمَةً لِّقَومٍ يُؤمِنُونَ). (يوسف / ١١١)