والجدير بالذكر هنا أنّ القرآن بيّن هذا المفهوم بعد قصة النبي يوسف عليهالسلام المليئة بالحوادث والعبر التي يستفاد منها في الأبعاد المختلفة للمسائل التربوية.
وفي موضع آخر يعتبر القرآن قصص وتاريخ القدماء وسيلة لإيقاظ الأفكار والعقول فيقول : (فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفكَّرُونَ). (الأعراف / ١٧٦)
وفي آيات اخرى يُعد تاريخ الأنبياء الاوائل وسيلة ناجحة ل (تثبيت قلب) نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله وتقوية إرادته ولتوعية المؤمنين وايقاظهم ، فيقول عز من قائل : (وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيكَ مِنْ انْبَاءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجاءَكَ فِى هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلمُؤمِنِينَ). (هود / ١٢٠)
ويقول الله سبحانه وتعالى في صدد التعريف بقصّة نوح عليهالسلام : (وَلَقَدْ تَّرْكنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ). (القمر / ١٥)
ويذكر الآثار المتبقية للقدماء بتعبير حي جميل ، فيقول : (افَلَمْ يَسِيرُوا فِى الارضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا او آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فانَّهَا لَاتَعْمَى الابْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ). (الحج / ٤٦)
وعلى هذا ، فالأحداث التاريخية المفصلة والآثار التاريخية الغابرة للقدماء تساهم في إنارة البصائر وتفتح آفاق جديدة رحبة.
ومن خلال هذه الإشارة إلى فلسفة تاريخ القدماء نعود إلى القرآن مرة ثانية لنلقي نظرة على الاعجاز التاريخي للقرآن.
* * *
الخطوط العريضة للتاريخ في القرآن :
سبق القول إلى أنّ مقطعاً مهماً من المباحث التربوية والمواعظ والنصائح والبشائر والنُذر والعهود والآمال القرآنية بُيِّنت بصفتها مسائل تاريخية شيقة ومعبرة ومؤثرة تجذب السامع تلقائياً نحو الأهداف العليا ، ولانستطيع الوقوف على عظمة البحوث التاريخية