الرسول يلتقي أهل المدينة :
التقى الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله (سويد بن صامت) أحد أفراد قبيلة الأوس في المدينة الذي جاء حاجّاً إلى مكة المعظمة فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه بعض آيات القرآن الكريم فصدقه وآمن به وعاد إلى المدينة ومات مسلماً.
وعندما قدم (أبو الحيسر) أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم أياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج ، سمع بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم : «هل لكم إلى خير ممّا جئتم له؟ قالوا : وما ذاك؟ قال : أنا رسول الله بعثني إلى العباد ادعوهم إلى الله أن يعبدوا الله لا يشركوا به شيئاً وأنزل علي الكتاب ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن» ، فقال أياس بن معاذ وكان غلاماً حدثاً : أي قوم ، هذا والله خير ممّا جئتم له.
قال : فأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من البطحاء فضرب بها وجه أياس بن معاذ وقال : دعنا منك فلعمري لقد جئنا لغير هذا ، قال : فصمت أياس ، وقام رسول الله صلىاللهعليهوآله عنهم وانصرفوا إلى المدينة فكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج ، قال : ثم لم يلبث أياس بن معاذ أن هلك ، قال محمود بن لبيد : فأخبرني من حضره من قومي عند موته أنّهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات فما كانوا يشكون أنّه قد مات مسلماً لقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله ما سمع (١).
بيعة العقبة الاولى :
وفي السنة الاخرى من موسم الحج التقى الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله جماعة من أهل المدينة ـ عُرفوا بعد ذلك بالأنصار ـ وهم ينتسبون إلى قبيلة الخزرج ودعاهم صلىاللهعليهوآله إلى الإسلام وكانوا قد سمعوا آنفاً من اليهود قولهم : سيُبعَثُ رسول في هذه الأيّام ونحنُ نحميه ونُساعده للقضاء عليكم فَنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : «هذا النبي الذي توعدكم به اليهود ، فأجابوه وصدقوه ،
__________________
(١) الكامل ، ج ١ ، ص ٥١٠ ؛ سيرة ابن هشام ، ج ٢ ، ص ٦٩ ؛ وتفسير جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٨٥.