هلموا لنبني لنا بلدة وبرجاً يناطح السماء ، ولنختار لنا إسماً لئلا نتفرق على وجه الأرض ـ ولان الله تعالى أراد أن يرى مايصنعه بنو البشر من بلدة وبرج ، نزل ـ وقال : إنّ هؤلاء القوم مجموعة واحدة وهم على حد سواء في اللسان وشرعوا بالقيام بهذا العمل ، ولا شيء يمنعهم عما يريدون ـ بناءه ـ تعال لننزل إلى الأسفل وهناك نقوم بخلط ألسنتهم حتى لا يفهم أحدهم لسان الآخر ـ ومن هناك عمد الله إلى تفريقهم على وجه الأرض بأكملها ، وحال دون اتمام بناء البلدة وصار سبباً لتسميتها ببابل ، لأنّ الله خلط كل الأرض فيها ، ومن هناك فرقهم على جميع وجه الأرض» (١).
ووفقاً لهذه الرواية الموجودة في التوراة ، كانت لغة جميع الناس واحدة على وجه الأرض في البداية إلى أن اجتمع أبناء نوح وقبائلهم في (شنعار) بابل ، وصمموا على عمل مهم ، وهو بناء بلدة كبيرة وبرجاً عالياً ، ولم يكن هذا العمل مرضياً عند الله تعالى ، فكان قلقاً من تحركهم ومايؤول ذلك من نتائج لذا قال لبعض الملائكة هيا اهبطوا إلى الأرض لايجاد الاختلاف في السنتهم حتى يتفرقوا (فأوجد الاختلاف بينهم حتى افرض هيمنتي الإلهية) ووقع هذا الأمر ، ونظرا لعدم فهم أحدهم للغة الآخر انتشروا في البقاع المختلفة ، وحال دون اتمام بناء البرج العظيم.
وقد أشير في كتاب (أعلام القرآن) إلى وجه تسمية «بابل» بهذا الاسم بالقول :
(رواة القصة ظنوا أنّ لفظة «بابل» مأخوذة من بلبل وقالوا إنّ الناس اجتمعوا في هذه المدينة بعد طوفان نوح وشيدوا فيها برجاً لتصبح علامة على مركزيتهم وشكلوا فيها المجاميع الرسمية ولكنهم عندما ناموا في الليل واستيقظوا في الصباح اختلفت ألسنتهم واخذ كل منهم يتكلم بلغة جديدة ، وعلى أثر عدم حصول التفاهم بينهم افترقوا في أنحاء العالم ونشأ من كل واحد منهم شعب من الشعوب (٢).
هذه الاسطورة تنطبق تماماً مع مانقلناه سابقاً في متن التوراة التي دلت على أنّ
__________________
(١) التوراة ، سفر التكوين ، الفصل ١١ ، من الجملة ١ إلى ٩.
(٢) اعلام القرآن ، ص ٢٣٨.