الاختلاف في اللغات تحقق من قبل الله تعالى من أجل مقارعة قدرة المجتمع البابلي.
إلّا أنّ السيد «هاكس» مؤلف كتاب «القاموس المقدس» له كلام آخر لتبرير ما ورد من جمل في التوراة إذ يقول : «كانت الدنيا بأجمعها تمتلك لهجة ولغة واحدة إلى حدود الألفين عام تقريباً ... لكن بعد مائة سنة من الطوفان ، أي في زمن عصيان الكوشيون (١) في بابل ، أوجد الله تعالى بشكل خارق للعادة الاختلاف في لغاتهم ، وبسط ولايته على وجه الأرض مع هذه الأقوام المختلفة والألسنة المتنوعة» (٢).
وفي موضع آخر يقول :
«بناء على عدم كون هذه المسألة وهي (بناء البرج العالي) موافقة للإرادة الإلهية أوجد الله تعالى الاختلاف في ألسنتهم بحيث لم يكن بمقدور أحدهم أن يفهم كلام الآخر ولهذا السبب انتشروا في جميع بقاع المعمورة وتحققت على إثر ذلك امنية الله تعالى وتعمرت الأرض» (٣).
هذه التعابير توحي إلى أنّ الغاية الإلهيّة من ايجاد هذا التبعثر في لغة مجتمع بابل ، هي العمران والتشييد ، والحال أنّ التوراة في العبارة التي نقلناها تقول بصراحة : إنّ الهدف من ذلك لم يكن سوى إضعاف مجتمع بابل وكسر قدرتهم ووحدتهم وشوكتهم ، إلّاأننا نعلم على كل حال بأنّ منشأ اختلاف اللغات لم يكن مثل هذا الأمر على الاطلاق ، وأنّ العامل الأساسي لهذا الأمر هو مرور الزمان وتباعد الأقوام فيما بينهم ، ولازال الحديث في المطلب متواصلاً أيضاً.
* * *
٤ ـ عباده العجل من قبل بني اسرائيل
وردت الإشارة إلى قصة عجل السامري في القرآن الكريم فبعدما جاء موسى عليهالسلام إلى
__________________
(١) «كوشيان» ، هو اسم والد نمرود.
(٢) القاموس المقدس ، مادة (اللغة).
(٣) المصدر السابق ، مادة (بابل).