الرجل نبيّاً لعرف من هي هذه المرأة التي تلمسه وما حالها فهي خاطئة!» فقال له يسوع : «ياشمعون ، عندي ما أقول لك» ، فقال شمعون : «قل يامعلم» ، فقال يسوع : «كان لمدين دين على رجلين : خمسمئة دينار على أحدهما وخمسون على الآخر وعجز الرجلان عن ايفائه دينه ، فاعفاهما منه فأيّهما يكون أكثر حبّاً له؟».
فأجابه شمعون : «أظن الذي أعفاه من الأكثر» فقال له يسوع : «أصبت» والتفت إلى المرأة وقال لشمعون (١) : «أترى هذه المرأة؟ أنا دخلت بيتك فما سكبت على قدميَّ ماء ، وأمّا هي فغسلتهما بدموعها ومسحتهما بشعرها ، أنت ما قبلتني قبلة ، وأمّا هي فما توقفت منذ دخولي عن تقبيل قدميَّ ، أنت ما دهنت رأسي بزيت ، وأمّا هي فبالطيب دهنت قدميَّ ، لذلك أقول : غفرت لها خطاياها الكثيرة لأنّها أحبتني كثيراً ، وأمّا الذي يغفر له القليل فهو يحب قليلاً» ثم قال للمرأة : «مغفورة لك خطاياك!» فأخذ الذين معه على المائدة يتساءلون ، من هذه حتى يغفر خطاياها» (٢).
ملخص هذه الحكاية أنّ السيد المسيح ينزل في بيت لأحد الفريسيين وهم كانوا طائفة من اليهود ، ولا يبدي له صاحب البيت احتراما بالغاً ، وما أن اطّلعت المرأة العاهرة والمنحرفة (٣) التي تسكن ذلك البلد على حضوره حتى توجهت إلى بيت اليهودي وكانت العادة الجارية في ذلك العصر على غسل رجل الضيف اكراماً له ، وطلي شعره بالدهن أحياناً لأنّ الناس كانوا يمشون حفاة غالباً ، ونظراً لعدم امتلاكهم وسيلة للتغطية والحفظ في الأسفار كانت شعور وقشور أبدانهم تصاب بالجفاف على أثر هبوب الرياح.
ووفقا لهذه الحكاية المفتعلة قامت المرأة العاهرة بغسل رجلي المسيح عليهالسلام بدموعها عوضاً عن الماء ، وجففتهما بشعرها الطويل عوضاً عن المنشفة ، وقبّلتهما بشفتيها بحرارة ،
__________________
(١) شمعون في الأصل بمعنى السامع ، وقد اشير إلى اسماء ١٠ أشخاص في الكتاب المقدس للمسيح طبقاً لما قاله مؤلف كتاب (قاموس الكتاب المقدس) ، وكان أحدهم شمعون الفريسي.
(٢) انجيل لوقا ، باب يسوع يغفر لامرأة خاطئة ، ص ١٨٣.
(٣) هذه المرأة هي مريم مجدليته كانت عاهرة ومتمولة ، فأعلنت عن توبتها على يد السيد المسيح عليهالسلام طبقاً لماجاء في انجيل لوقا في الباب الثامن.