فعلى سبيل المثال يقول تعالى في أحد المواضع : (وَاذَا حُيِّيتُم بِتَحَّيةٍ فَحَيُّوا بِاحْسَنَ مِنْهَا اوْ رُدُّوها انَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىٍء حَسِيبَاً). (النساء / ٨٦)
وقد ضمَّ القرآن الكريم بين دفتيه آيةً تُعدُّ من أطول الآيات القرآنية التي دار الحديث فيها حول كتابة الديون والحقوق ، فقد ذكر فيما يتعلق بهذه المسألة عشرين حكماً إلهياً ، وهي (الآية ٢٨٢ من سورة البقرة) وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على أن تطرق القرآن للمسائل المرتبطة بالعقائد والمعارف الإسلامية لايتنافى بتاتاً مع بيانه للأحكام الضرورية العملية أيضاً ، ولا نقصد من ذلك أنّه قد تمّ بيان جميع جزئيات الأحكام والقوانين على صعيد الظواهر القرآنية ، لأنّ ممّا لا يقبل الشك أنّ حجمها يعادل أضعاف حجم القرآن ، وإنّما المقصود أنّه تعالى قد بيَّن الاصول والقواعد الضرورية في كل مورد من الموارد القرآنية.
ولا يضير في هذا المجال أن نشير إشارات مختصرة إلى مقتطفات من هذه الأصول :
* * *
١ ـ أكَّدَنا أنّ القرآن الكريم استند في المسائل الاعتقادية قبل كل شيء على (أصل التوحيد) ، وقد ذكر هذا المفهوم مئات المرات في الآيات القرآنية ، بحيث رسم الخطوط العريضة لأدقّ المفاهيم التوحيدية إلى أن يقول في صدد الحديث عن ماهية الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ). (الشورى / ١١)
وقد بين صفاته الجلالية والجمالية في مئات الآيات ، ويمكنكك في هذا المجال مراجعة المجلد الثالث من هذا الكتاب (نفحات القرآن) ، ولا يقتصر الأمر عند تعريفه بوحدانية الله من كل جهة ، بل يعتبر نبوة الأنبياء دعوة واحدة أيضاً ، بحيث لا يرى وجود الاختلاف والتفرقة بينهم ، لذا يقول : (لَانُفَرِّقُ بَيْنَ احَدٍ مِّن رُسُلِهِ). (البقرة / ٢٨٥)
وبالرغم من حمل كل واحدٍ منهم مسؤولية خاصة به وفقاً للمتطلبات الزمنية التي يعيش فيها كل نبي ، إلّاأنّ حقيقة دعوتهم وجوهرها واحدة في كل المواقع. بالإضافة إلى أن مسألة