المسجد الحرام آمنين لأداء مناسك الزيارة لبيت الله.
كان البعض يتصور أنّ هذه الرؤيا ستتحقق مباشرة في السنة نفسها ، فعندما توجه المسلمون إلى مكة للزيارة واعترض طريقهم مشركوا مكة في الحديبية (وهي القرية التي تقع مسافة ٢٠ كيلومتر عن مكة واشتق اسمها من البئر أو الشجرة الموجودة فيها) ممّا أدّى ذلك إلى التوقيع على اتفاق الصلح المعروف بصلح الحديبية ، عندئذٍ أخذ البعض يراوده الشك والتردد في أن لا تكون لهذه الرؤيا مصداقية ، على مستوى الواقع ، حتى أنّهم بدأوا يسألون النبي صلىاللهعليهوآله في هذا المجال عن السبب وراء عدم تحقق هذه الرؤية الرحمانية؟ فأكد لهم النبي صلىاللهعليهوآله على أنّه لم يقل : إنّ ذلك يتحقق في هذه السنة وإنّما قصد وقوعه في المستقبل القريب ، في هذه الأثناء نزلت الآية المذكورة وأول ما أكدت عليه هو صدق هذه الرؤيا ، ثم أشارت بعد ذلك إلى الجزئيات وقالت : إنّكم ستدخلون المسجد الحرام قريباً وتؤدّون مناسك الحج بكل حرية واطمئنان ، كما أنّ النصر سيكون حليفكم قبل أداء هذه المناسك ، وتحققت هذه النبوءة وفقاً لما ذكرها جميع المؤرخين ، واستطاع جمع غفير من المسلمين أن يؤدّوا مناسك العمرة في السنة التالية لواقعة «الحديبية» وهي (السنة السابعة للهجرة) ، وسميت هذه المناسك (عمرة القضاء) لأنّها في الواقع قضاء للعمرة التي أراد الجميع أن يؤدّوها في السنة الماضية.
نخرج من كل ما قيل سابقاً بهذه النتيجة : أنّه قد تمّ الاعلان بقوة وحزم في هذا المقطع من الآيات عن مسألة غير متوقعة الحدوث ، والتي كانت مورداً من موارد مثار الاختلاف ونزاع شديد بين المسلمين والمشركين ، كما اشير فيها إلى التفاصيل أيضاً بالإضافة إلى ماحصل من تنبّؤ عن اقتران ذلك بنصر آخر للمسلمين ، وهذا في حد ذاته بيان مضاعف فيما يرتبط بهذا التنبّؤ الهام.
هناك بحث ونقاش بين المفسرين حول المقصود «بالفتح القريب» فقد تحققّ للمسلمين على مقربة من هذه الواقعة ، أحدهما هو صلح الحديبية الذي كان من دواعي الانفتاح ، والآخر هو «فتح خيبر» الذي تحقق في أوائل السنة السابعة للهجرة ، أي بعد واقعة الحديبية