بعدّة أشهر ، والظاهر أنّ «الفتح القريب» هو إشارة إلى الواقعة الثانية كما ذهب إليه الكثير من المحققين على أساس قوله تعالى : (مَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيَماً). (الفتح / ١٩)
صحيحٌ أنّ للغنيمة مفهوماً واسعاً وشاملاً لكل أنواع الغنيمة المادية والمعنوية ، ولكن المتبادر في مثل هذه الموارد هو معنى الغنائم الظاهرية في الأعم الأغلب ، وممّا نعلمه أنّ الغنائم الظاهرية كانت موجودة في «فتح خيبر» لا في صلح الحديبية.
إذن ، يمكن الخروج بهذه النتيجة بوضوح وهي : إنّ مثل هذه التنبؤات الدقيقة ، والصادرة بكل قاطعية وجدية ، وبدون أن يشوبها الاحتمال والتردد ، لايمكن أن تتأتى إلّامن خلال الارتباط بعالم الغيب.
* * *
٣ ـ الغنائم الكثيرة في المستقبل
يخبر القرآن في الآية الثالثة ـ تعقيباً على قضية «صلح الحديبية» وما تنبَّأ به من «عمرة القضاء» و «فتح خيبر» ـ عن فتوحات اخرى متتالية وحائزة على غنائم وافرة فيقول : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَاْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ ايِدىَ النَّاسِ عَنْكُم وَلِتَكُونَ آيَةً لِلمُؤمِنينِ وَيَهْدِيَكُم صِرَاطاً مُّستَقِيماً).
ثم يضيف إلى ذلك قائلاً : (وَاخَرى لَم تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ احَاطَ اللهُ بِهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كلِّ شَىءٍ قَدِيراً).
في هذه الآيات ورد الإخبارُ عن انتصارين على الأعداء مع الحصول على غنائم كثيرة ، أحدهما قصير المدى والآخر بعيد المدى.
تلك الغنائم والفتوحات التي عجز عنها المسلمون بحسب الظاهر قد جعلها الله في اختيارهم وطوع إرادتهم بحوله وقوته الكاملين.
وثمة نقاش واختلاف بالرأي بين المفسرين في تحديد نوعية الغنائم والفتوحات ، فقد