٥ ـ نبوءة اخرى عن الانتصار في معركة بدر
يدور الكلام في الآية الخامسة عن أحد الوعود الصريحة بالنصر الذي منَّه الله على المؤمنين من قبل ، يقول عز من قائل : (وَاذْ يَعِدُكُمُ اللهُ احدَى الطَّائِفَتِينِ انَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ انَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ انْ يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ).
ثم يضيف على ذلك بقوله : (لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الُمجرِمُونَ).
وتوضيح ذلك أنّ «أبو سفيان» سيد مكة وزعيم المشركين كان في حال عودته من الشام على رأس قافلة كبيرة تحمل معها بضائع تجارية تقدر بخمسين الف دينار كانت تتعلق به وبجماعة من أساطين مكة وأكابرها.
وأصدر رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله أمرا إلى أصحابه بأن يعدوا أنفسهم للهجوم على القافلة ، وذلك لتحطيم جزء من القدرة الاقتصادية للأعداء عن طريق مصادرة أموالهم لأنّهم لم ينفكوا لحظة واحدة في اظهار العداء للمسلمين وإيجاد العراقيل.
اطلع أصحاب «أبو سفيان» في المدينة على هذه القضية ممّا حدا بهم إلى ايصال الخبر إلى مسامع أبي سفيان.
فلما علم بذلك اسرع في إرسال أحد الأشخاص إلى مكة ليطلعهم على الخطر الكبير الذي يهدد أموالهم وممتلكاتهم ، ولم تمضِ إلّافترة قصيرة حتى تحركت رجالات قريش وقواتها مع سبعمائة بعير ومائة فارس ، وكان يقود عسكرهم أبو جهل ، وقد حملت هذه المسألة على محمل كبير من الجد والخطورة بحيث أخذ زعماء مكة يهددون بهدم بيت كل من يستطيع الالتحاق بجبهة الحرب ثم يمتنع عن ذلك.
من جانب آخر سلك أبو سفيان طريقا آخر لينجو من قبضة المسلمين وأخذ يسير في طريق مجهول لكي يبعد نفسه عن مواطن الخطر.
ووصل «نبي الإسلام» مع أصحابه البالغ عددهم ٣١٣ ـ مع عدّة وعتاد حربي بسيط ولكن بقلوب مملوءة بالايمان والعزم والإرادة ـ على مقربة من منطقة بدر أحد المنازل القريبة الواقعة بين مكة والمدينة ، وجاءه الخبر هناك بتحرك جيش قريش المسلح من مكة