عَذَابٍ شَدِيدٍ) ، احذركم من عبادة الأصنام وادعوكم إلى التوحيد.
فاستشاط أبو لهب غضباً وقال : «تباً لك أما جمعتنا إلّالهذا» فعندئذ نزلت الآيات الآنفة الذكر ، وقالت : الموت له لأنّه سيكون طعمة لنار جهنم في النهاية (١).
* * *
٨ ـ إنّا أعطيناك الخير الكثير
نطَّلع في المقطع الثامن من الآيات وهي «سورة الكوثر» على ثلاث نبوءات هامة ، لأنّه تعالى يقول : (انَّا اعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر* انَّ شَانِئَكَ هُوَ الابْتَرُ).
ذكر معظم المفسرين شأن نزول هذه الآية ، وهي متقاربة مع بعضها البعض ومن جملتها ما قاله «البرسوي» في روح البيان : «وذلك أنّهم (أي المشركون) زعموا حين مات أولاده القاسم وعبد الله بمكة ، وإبراهيم بالمدينة ، أن محمداً صلىاللهعليهوآله ينقطع ذكره إذا ما مات وذلك لفقدان نسله ، فنبّه الله سبحانه الى : إنّ الذي ينقطع ذكره هو الذي يشنأه ، فأمّا هو فكما وصفه الله تعالى : (ورفعنا لك ذكرك) ، وذلك أنّه أعطاه نسلاً باقياً على مر الزمان ، فانظر كم قتل من أهل البيت والعالم ممتليء منهم» (٢).
وقال «الطبرسي» في «مجمع البيان» : «قيل : نزلت السورة في العاص بن وائل السهمي وذلك أنّه رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا ، واناس من صناديد قريش جلوس في المسجد ، فلما دخل العاص قالوا : مع من كنت تتحدث؟ قال : مع الأبتر ، وكان قد توفى قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو من خديجة ، وكانوا يسمون من ليس له ابن أبتراً فسمته قريش عند موت ابنه أبتراً» (٣).
ونقل الفخر الرازي ستة أقوال في شأن نزول هذه الآية بأنّ عدّة أفراد قالوا للنبي
__________________
(١) نقل الكثير من المفسرين والمؤرخين شأن النزول هذا مع اختلاف طفيف (تفسير مجمع البيان ؛ القرطبي ؛ المراغي ؛ الكبير ؛ الدر المنثور ؛ في ظلال نهج البلاغة ؛ كذلك الكامل لابن الاثير ، ج ٢ ، ص ٦٠).
(٢) تفسير روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٢٥.
(٣) تفسير مجمع البيان ، ج ٣٠ ، ص ٥٤٩.