٧ ـ الاعجاز القرآني
في عدم وجود التناقض والاختلاف
من الدلائل الاخرى على اعجاز القرآن الكريم ، وكونه نازلاً من قبل الله تعالى ، هو عدم وجود التناقض والاختلاف في سائر أنحائه ، في حين أنّ الصفة الغالبة على الظروف التي نزل فيها القرآن والمبعوث به تدلل على أنّه لو لم يكن صادراً من قبل الله لوقع فيه الاختلاف والتناقض ، بل الاختلافات والتناقضات الكثيرة ، وقد أشار القرآن إلى هذه الحقيقة في قوله تعالى : (افَلَا يَتَدَبَّروُنَ القُرآنَ وَلَوْ كَانَ مِن عِنْدِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختِلَافَاً كَثِيراً). (النساء / ٨٢)
ويمكن الوقوف على النكتة الأساسية لهذه المسألة من خلال تحليل بسيط ، فنقول : إنّ الحالات الروحية لأي إنسان في تغير مطرد ـ وقانون التكامل يحيط بالإنسان فكراً وروحاً في حالة وجود ظروف طبيعية ، وعدم حصول وضع استثنائي فهو يحدث على مرّ الأيّام والشهور والسنين تحولاً مستمراً في ألسنة البشر وأفكارهم وأحاديثهم ، وإذا ألقينا نظرة فاحصة على تصانيف أحد الكتّاب فسوف لن نجدها على نسق واحد اطلاقاً ، بل لابدّ من وجود تفاوت في بداية الكتاب ونهايته ، خاصة إذا ماكان الإنسان واقفاً أمام موجة من الأحداث الكبيرة والساخنة ، الأحداث التي تضع الحجر الأساس لأحد الانقلابات الفكرية والاجتماعية والدينية الشاملة ، فهو مهما سعى وأراد أن يكون كلامه على سياق ونسق واحد ، ومعطوفاً على سابقة لا يقوى على ذلك وخاصة إذا ما كان اميّاً وناشئاً في محيط متخلف جدّاً.