أنّ ستة مجموعات (أو أقل) كانت كل واحدة منها تتعامل مع نبي الإسلام بنوع من أنواع الاستهزاء ، وكلما انبرى إلى دعوة الناس كانوا يسعون من خلال أحاديثهم إلى تفريق الناس من حوله ، غير أنّ الله تعالى ابتلى كل واحد منهم ببلاء معين ، ووصل الأمر بهم إلى أن ينشغلوا بأنفسهم كثيراً بحيث نسوا النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله (١).
٣ ـ يقول تعالى : (يَاايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُم اذْ هَمَّ قَوْمٌ انْ يَبْسُطُوا الَيْكُم ايْدِيَهُمْ فَكَفَّ ايْدِيَهُمْ عَنْكُم). (المائدة / ١١)
ورد في بعض الروايات أنّ هذه إشارة مستبطنة ناظرة إلى المؤامرة التي دبرها «يهود بني النضير» لاغتيال نبي الإسلام ، وذلك حينما توجه النبي إليهم مع جمع من أصحابه ليتباحثوا حول الاتفاقية التي كانت معقودة بينهم بالنسبة إلى دِيَة المقتولين ، فقالوا : لا مانع من ذلك ، اجلسوا وتناولوا الطعام حتى يتحقق مرادكم ، وفي تلك الحالة كان في نيّتهم أن يقوموا بحملة مباغتة ويقضوا على النبي وأصحابه ، فأطلع الله تعالى النبي على ذلك وأخبر النبي بذلك أصحابه فعادوا بسرعة ، «وكانت هذه احدى معجزات النبي» (٢).
٤ ـ تعقيباً على قوله تعالى : (وَاذَا قَرأْتَ القُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَايُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابَاً مَّسْتُوراً). (الاسراء / ٤٥)
ورد أنّ بعض الأعداء كانوا ينوون القضاء على حياة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله في حالة انشغاله بتلاوة القرآن ، فأسدل الله تعالى حجاباً على أبصارهم يحول بينهم وبين رؤية نبيّه.
وورد في الحديث الذي نقله المرحوم الطبرسي في الاحتجاج عن علي عليهالسلام : إنّ الله تعالى أسدل خمسة حجب على انظارهم للحيلولة بينهم وبين رؤية محمد صلىاللهعليهوآله ، وقد اشير إلى هذه الحجب الخمسة في القرآن الكريم.
في أحد المواضع من سورة يس يقول : (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ ايْدِيهِم سَدَّاً) ، فهذا هو الحجاب الأول ثم يعقب بقوله : (وَمِنْ خَلْفِهِم سَدَّاً). (يس / ٩)
وهذا هو الحجاب الثاني.
__________________
(١) نقل الطبرسي في تفسير مجمع البيان ، ج ٥ ـ ٦ ، ص ٣٤٦ ، وكذلك العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ، ج ١٨ ، ص ٤٨ ، وابن هشام في السيرةج ٢ ، ص ٥٠ ، وبقية المفسرين والمؤرخين شرحاً وافياً لهذه الواقعة.
(٢) تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ١٦٥.