ه) بالإضافة إلى أنّ الوسائل اللازمة لتدوين المطالب في التاريخ ونشرها كانت محدودة في ذلك الزمان ، وحتى الأفراد المتعلمون كانوا قليلين جدّاً ، وكانت الكتب جميعها خطية ، ولم تكن تنشر الحوادث المهمّة بواسطة وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والصحف المحلية في جميع أنحاء العالم ، وتسجل في جميع التواريخ كما هو الحال في يومنا هذا.
واستنادا إلى هذه النقاط لا ينبغي الاستغراب من عدم ذكر هذه الحادثة في التواريخ غير الإسلامية ، واعتبار ذلك دليلاً على عدم وقوعها.
٢ ـ من الزاوية العلمية
استناداً إلى «هيأة بطليموس» التي ترى أنّ الأرض هي مركز العالم والأفلاك التسعة المحيطة بأطرافها على شاكلة طبقات قشرة البصل ، وكانت تعتقد أنّ هذه الأفلاك كالجسم البلوري المرتبط بعضه ببعض ، والنجوم والأجرام السماوية مندكة في قلب الأفلاك ، وتدور مساوقة لحركة الأفلاك ، وأي نوع من أنواع الخرق والالتئام في الأفلاك محال ، لهذا السبب أنكر اتباع هذه العقيدة كلاً من «المعراج الجسماني» ، و «انشقاق القمر» معاً ، ذلك أنّ كليهما يوجب الخرق والالتئام في الأفلاك!.
إلّا أنّه لم يعد هناك أرضية لهذا الكلام في يومنا هذا بعد أن طويت فرضية الهيأة لبطليموس في ملف الأساطير والخرافات وثبت بطلان الافلاك التسعة من الناحية العلمية والحسية.
وقد يقال : ليس من السهل تحقق مسألة انشقاق القمر بمنظار العلم الحديث أيضاً ، لأنّ هذه الكرة «مساحة القمر» وإن كانت خمس الكرة الأرضية إلّاأنّها مع ذلك كرة عظيمة ، ووقوع الانشقاق والانفجار فيها بحاجة إلى عامل قوي جدّاً ، والجواب عن هذا الإشكال واضح في نظر أهل التوحيد ، إذ لم يَدَّعِ أحد بحدوث «انشقاق القمر» من جراء احدى العوامل الطبيعية ، بل كان يُعزي سبب حدوث ذلك إلى الاعجاز مستنداً إلى القدرة اللامتناهية للباري عزوجل.