ولا يخفى عليكم أنّ الله لا يصعب عليه انشقاق القمر ، بل إنّ ايجاد المنظومات والمجرّات الاخرى كلها منقادة لإرادته ومشيئته أيضاً ، ذلك الله الذي أحدث الانفجار الأول في قلب الشمس منذ البداية ، وفصل عنها السيارات الكبيرة للمنظومة الشمسية ، فقذفت كل واحدة منها في ناحية من النواحي وبدأت تدور حولها ، أجل ، إنَّ مَن بيده كل شيء وقادر على كل شيء لقادر على إثبات نبوة نبيّه ، وذلك أن يحدث في لحظة من اللحظات مثل هذا الانفجار ثم الالتئام في كرة القمر التي هي لا تساوي شيئاً أمام قدرته تعالى.
إنّ الذين يستهينون بالقدرة الإلهيّة ـ والعياذ بالله ـ أو لم يحيطوا علماً بحدوث المنظومات السماوية الكبيرة على أثر الانفجارات المتتابعة ، هم فقط الذين يثيرون الإشكالات على هذا النوع من المسائل.
٣ ـ انشقاق القمر في التصور القرآني
يقولون إنّ هناك آيات في القرآن الكريم تدل على أنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله لم يمتلك معجزة سوى القرآن : واستدل هؤلاء على إثبات فكرتهم كما ورد في قوله تعالى : (وَمَا مَنَعَنَا انْ نُّرسِلَ بِالآيَاتِ الَّا انْ كَذَّبَ بِهَا الاوَّلُونَ). (الأسراء / ٥٩)
وكذلك تشبثوا بالآية ٩٠ إلى ٩٣ من سورة الاسراء ، وذلك استناداً إلى أنّ جماعة طلبوا من النبي طلبات مختلفة ، فتارة قالوا : لا نؤمن إلّاأن تفجر لنا ينبوعاً من هذه البقعة من الأرض (الجرداء القاحلة) ، وتارة اخرى قالوا : لا نؤمن لك إلّاأن يكون في حوزتك بستان كبير من أشجار النخل والعنب وتجري من خلاله الأنهار ، أو تنزل على رؤوسنا ـ كما تدعي ـ الأحجار السماوية ، أو تحضر لنا الله وملائكته ، أو تمتلك بيتاً من الذهب ، مليئاً بالرسوم والنقوش ، أو تصعد إلى السماء ، ولا نكتف بذلك إلّاأن تأتينا بكتاب من قبل الله تعالى لنطّلع عليه ، فما كان جواب النبي الأكرم على مطالبهم إلّاأن قال : (سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنْتُ الَّا بَشَراً رَسُولاً). (الاسراء / ٩٣)
وعلى ضوء جوابه صلىاللهعليهوآله ادّعى أولئك المرتابون بأنّه لم يأت بأي معجزة.