بينهُ وبين رسول اللهِ عهد فأجلُهُ إلى مدّتهِ» (١).
وحَلَّ العام العاشر للهجرة وصوتُ الإسلام يدوي في كل مكان ، فجاء نصارى (نجران) إلى المباهلة ، ثم قبلوا الصُلح بدونها : «وصالحوه على ألفي حُلّة ثمنُ كل حُلّة أربعون درهماً وعلى أن يُضيّفوا رُسُلَ رسول الله صلىاللهعليهوآله وجعل لهم ذمَّةَ الله تعالى وعَهدهُ ألّا يفتنوا عن دينِهم ولا يُعشِروا وشرط عليهم أن لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به» (٢).
وتوالت الوفود تلو الوفود إلى المدينة لتعلن وفاءها للاسلام والرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ، فجاء وفد (سلامان) ، ووفد (غبشان) ، ووفد (عامر) ، ووفد (ازد) ، ووفد (مراد) ، ووفد (زبيد) ، مع (عمرو بن معدي كرب) ، ووفد (عبد قيس) ، ووفد (بني حنيف) ، ووفد (كندة) ، ووفد (محارب) ، ووفد (رهاويين) ، ووفد (عبس) ، ووفد (صَدف) ، ووفد (خولان) ، ووفد (بني عامر) ، ووفد (طي) (٣).
وقد تجلّت قوّة الإسلام في حجة الوداع فبناءً على ماذكر في بعض الروايات فإنّ مجموع المسلمين الذين ذهبوا لزيارة بيت الله الحرام وحضروا (حجة الوداع) كان أكثر من مائة الف شخص ، ويعد هذا الاجتماع من أكبر الاجتماعات الدينية في ذلك العصر ، كما تعكس ذلك أيضاً خطب الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله في سفره سواء كانت في مكة ، أم في عرفات ، أم في منى أم في غدير خُم ، لتعيين الخليفة والوصي من بعده وقد جاء في التاريخ مايلي : «فأرآهم مناسكهم وعلمهم سنن حجهم وخطب خطتبهُ التي بيّن فيها للناس ما بيّن وكان الذي يبلغ عنه بعرفة (ربيعة بن امية بن خلف) لكثرة الناس ، فقال بعد حمد الله : «ايّها الناس اسمعوا قولي فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً. أَيّها الناس إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا وكل ربا موضوع لكم رؤوس أموالكم وإن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كُلّهُ وكل دم كان في الجاهلية موضوع أَيّها النّاس
__________________
(١) الكامل ، ج ١ ، ص ٦٤٤ ؛ سيرة ابن هشام ، ج ٤ ، ص ١٩٠.
(٢) الكامل ، ج ١ ، ص ٦٤٦.
(٣) الكامل ، ج ١ ، ص ٦٤٧ ـ ٦٤٩ ؛ وللاطلاع على غزوات وسرايا الرسول صلىاللهعليهوآله) يمكن الرجوع إلى سيرة ابن هشام ج ٤ ، ص ٢٥٦ ؛ الكامل ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛ وتفسير جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٤٠٤.