على أن البيئة التي ظهر فيها نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله هي من أحط البيئات وأكثرها تأخراً ، بيئة لا تنسجم أبداً مع ظهور هكذا دين وتعاليم متطورة في الأصعدة كافة.
* * *
٢ ـ تاريخ الرسول صلىاللهعليهوآله وخصائصه الأخلاقية
إنّ الخصائص الأخلاقية هي احدى أفضل الطرق إلى معرفة الدعاة الصادقين من الكاذبين ، فهذه الخصائص يمكن اعتمادها كقرائن وأدلة واضحة لنفي أو إثبات احقية الداعي ، وكلما شوهدت مظاهر الطهارة والتقوى ، والعظمة والتسامح والرأفة والمحبّة ، والزهد والتقشف ، والشجاعة والشهامة والماضي الاجتماعي الحسن في المدّعي ، فمن الصعوبة بمكان أن لا نعتبره صادقاً ، وبالعكس فاذا كان محبّاً للدنيا ، ومنكباً على المادة ، ومتعلقاً بالمال ، والمقام ، والجاه ، والقدرة المصحوبة بالتهور والكذب ، والحقد وحب الانتقام ، وما شابه ذلك من رذائل خلقية (لا سمح الله) ، فلا يمكن اعتبار مدعي النبوة هذا صادقاً مطلقاً.
ولحسن الحظ فإنّ سوابق النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قبل نبوته هي سوابق ساطعة ومضيئة حيث قضى أربعين عاماً بين ظهرانيهم والتاريخ الذي كتبته أيادي الأصدقاء والأعداء يعطى صورة ناطقة ومعبرة عن ذلك.
ففي كل التواريخ اعتبرت نزاهة النبي صلىاللهعليهوآله وأمانته بأنّها مسألة متفق عليها وأن لقب (الأمين) سمعوه يطلق عليه من قبل الجميع.
والملفت للنظر هو أنّ الناس ـ بالرغم من مخالفتهم له ـ بعد بداية دعوته للإسلام بقوا يودعون أماناتهم عنده ، ولذا أمر صلىاللهعليهوآله علياً عليهالسلام أثناء الهجرة إلى المدينة المنورة ـ أي بعد مرور ثلاثة عشر عاماً من البعثة ـ بأنّ يبقى في مكة ليؤدّي عنه الأمانات إلى أهلها ، ثم يهاجر إلى المدينة.
إنّ حسن خلق النبي صلىاللهعليهوآله وحسن معاشرته وسخائه وكرمه ، وخلاصة الصفات التي تليق