وهنا نزلت سورة (يَاأَيُّها الكَافِرُونَ) ، وردّ عليهم النبي صلىاللهعليهوآله بالسلب (١).
وفي تفسير سورة طه (الآية الثانية) نقرأ : حينما كان النبي صلىاللهعليهوآله ـ بعد نزول الوحي والقرآن ـ يتعبدُ كثيراً إلى حد تورّمت قدماه المباركتان ، فنزلت الآية الآنفة لتمنعه من هذا العمل المُرهق ، وقالت : (مَآانزَلنَا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقَى). (طه / ٢)
وهذه دلالة على أنّه إلى أي حدٍّ كان مؤمناً بتعاليمه.
و (قصة المباهلة) ودعوة النبي صلىاللهعليهوآله أعداءه ـ أن إذا كنتم تقولون حقا فتعالوا بأهلكم ، ويطلب كل منا من الله أن ينزل العذاب على الكاذب ويفضحه ـ هي دلالة اخرى على إيمانه الراسخ بدينه ، لأنّه صلىاللهعليهوآله أعلن استعداده التام لهذا الغرض ، وتراجع مخالفوه لأنّهم غير مطمئنين بأحقيتهم في المباهلة.
وقد نقل مؤرخو الشرق والغرب قصصاً وحكايات كثيرة عن (صمود النبي صلىاللهعليهوآله أمام الحوادث ومواجهته للمشاكل الكبرى التي يعجز الإنسان العادي عنها.
قال (غوستاف لوبون) المستشرق الفرنسي المعروف : إنّه لا يهرب من أي خطر ، وفي نفس الوقت لا يلقي بنفسه إلى الخطر بدون دليل (٢).
ويقول تلميذ تلك المدرسة العظيم أمير المؤمنين (عليهالسلام بشأن أحوال النبي صلىاللهعليهوآله في سوح القتال : «كنّا إذا احمر البأس ولقى القوم القوم اتقينا برسول الله فما يكون أحدٌ أقرب إلى العدو منه» (٣).
* * *
٧ ـ من هم المؤمنون به؟
عادة ما يجتذب الأفراد غير الصالحين حولهم أفراداً مثلهم ، وهذه القاعدة وإن لم تكن دائمة ولكنها في الغالب هكذا.
__________________
(١) تفسير جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٧٠.
(٢) حضارة الإسلام والعرب ، ص ١١٩.
(٣) بحار الأنوار ، ج ١٦ ، ص ٢٣٢ ، وبنفس المضمون مع بعض التفاوت في نهج البلاغة. الكلمات القصار ، الكلمة ٩.