وينقل عن (عبد الله بن سلام) ـ الذي يعد من علماء اليهود الكبار ثم أعتنق الإسلام ـ (أنا أعلم به مني بابني) (١).
وجاء في رواية اخرى : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله عندما جاء إلى المدينة قال (عمر) لعبد الله بن سلام : إنّ الله أنزل آية على نبيّه تقول : إنّ أهل الكتاب يعرفون كما يعرفونه أبناءهم ، فما هي هذه المعرفة؟ ، فقال عبد الله بن سلام : «إننا نعرفه بصفاته التي بينها الله ، وعندما نراه فيكم نشخصه من بينكم كما يشخص أحدنا ابنه عندما يراه بين الأولاد» (٢).
والتفسير المشهور للآية والذي ينطبق جيداً مع ظاهرها هو هذا التفسير الذي بيّناه ، ولكن تمّ عرض احتمالين آخرين في تفسير الآية وهما :
الأول : إنّ الضمير في (يعرفونه) يعود إلى (الاطلاع على النبوة).
والثاني : إلى (مسألة القبلة) ، وبناءً على ذلك فإنّ الأول هو إشارة لاطلاع ومعرفة أهل الكتاب بمسألة (النبوّة) ، أمّا الثاني فهو إشارة لمعرفتهم بأمر (تغيير القبلة) عند المسلمين من (بيت المقدس) إلى (الكعبة). وكلا الاحتمالين ضعيفان جدّاً.
* * *
في الآية الثانية ـ ورد ذكر تسعة أوصاف من صفات النبي صلىاللهعليهوآله التي هي في الواقع دلائل على حقانيته من زوايا مختلفة ـ بعضها إشارة إلى المضمون الرفيع لدعوته وبرامجه ، وبعضها إشارة إلى قرائن اخرى مثل أمّيته وعدم تعليمه ، وشفقته ورحمته ، وأمثال ذلك ، وتستند في قسم آخر من هذه الدلائل إلى مسألة أوصافه وعلاماته وسماته في الكتب السماوية السابقة (التوراة والانجيل) ـ يقول تعالى :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الَرّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّيَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِندَهُم في التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ ... اولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ).
__________________
(١) التفسير الكبير للفخر الرازي ؛ وتفسير المنار في ذيل الآية مورد البحث.
(٢) تفسير روح المعاني ، ج ٧ ، ص ١٠٣ ؛ وتفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٨٢ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ٣ ، ص ١٨.