ثم تشير الآية إلى الباعث ل «تغيير أسلوبهم» هذا وتقول لهم : لا تكتموا الحقائق من أجل المنافع المادية : (وَلَا تَشتَرُوا بِآيَاتِى ثَمَناً قَلِيلاً وَايَّاىَ فَاتَّقُونِ).
وهذه إشارة إلى أنّ أيَّ ثمن يأخذونه مقابل ذلك فهو لا شيء ، حتى ولو كان العالم كله ، ولكنكم يا أصحاب الهمم الدنية ، من أجل مصالحكم المادية التافهة (أحياناً من أجل ضيافة سنوية) كتمتم الآيات التي تحمل علامات وأوصاف النبي صلىاللهعليهوآله.
ثم تقول الآية تأكيداً للمراد : (وَلَا تَلبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكتُمُوا الحَقَّ وأَنتُم تَعلَمُونَ).
وفي الحقيقة فإنّ اليهود ارتكبوا عدّة مخالفات في هذا المجال :
الاولى : إنّهم تعاهدوا على أن يكونوا أول المؤمنين بالنبي صلىاللهعليهوآله في حين كانوا أول الكافرين به.
الثانية : إنّهم لبسوا الحق بالباطل حتى يطمسوا وجهه ويوقعوا الناس في المتاهات.
الثالثة : إنّهم كتموا الحق وهم يعلمون بأنّه حق واشتروا بالآيات الإلهيّة ثمناً قليلاً.
وهناك في القرآن الكريم آيات متعددة اخرى بنفس المعنى (أي تحكي عن «كتمان الحقائق» من قبل اليهود) والظاهر أنّ تلك الآيات كلها تشير إلى نفس مسألة كتمان آيات النبوة.
ويستفاد من مجموع ماجاء في الآيات الآنفة بأنّ اوصاف وعلامات نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله وحتى اسمه المبارك قد وردت في الكتب السابقة ، وقدمت بشارات وإشارات كثيرة بالنسبة لظهوره.
ونتجه الآن صوب كتب العهدين الموجودة في متناول أيدينا (التوراة والانجيل) ، لنبحث في نماذج من هذه العلامات والإشارات :
* * *
التبشير بظهور النبي صلىاللهعليهوآله في الكتب السماوية :
كما أشرنا من قبل ، فإننا نجد في كتب اليهود والنصارى الموجودة اليوم علامات ذلك