يقول الفيلسوف المعروف (صدر المتألهين الشيرازي) في كتاب (مفاتيح الغيب) : «(الوحي) يعني نزول الملك بقصد مهمّة النبوة حتى وإن كانت منقطعة لأنّه بحكم «أكملت لكم دينكم» كان ما يجب أن يصل إلى نوع البشر عن هذا الطريق قد وصل ، أما باب الالهام والاشراق فلم يغلق ولن يغلق أبداً ولا يمكن أن يغلق هذا الطريق» (١).
واصولاً أنّ هذا الارتباط نتيجة لارتقاء النفس وتنقية الروح وصفاء الباطن ولا علاقة له بمسألة الرسالة والنبوّة.
وبناء على هذا ففي أي زمان تحصل مقدماته وشرائطه فسوف تتمّ هذه الرابطة المعنوية ولم يحرم نوع البشر أبداً من هذا الفيض الإلهي العظيم ولن يحرم.
* * *
٤ ـ هل تنسجم هذه الآيات مع مسألة الخاتمية؟
إنّ مجموعة من مبتدعي الأديان في عصرنا ، من أجل أن يعبدوا الطريق أمام مدعياتهم حول النبوة ، لم يجدوا أي حل أمامهم سوى التوجه لمسألة (الخاتمية) التي هي من بديهيات وضروريات الدين الإسلامي ووضعها تحت الاستفهام. وكما هو اسلوب أصحاب القلوب المريضة تناولوا بعض الآيات القرآنية التي وجدوها قابلة للتحريف والانسجام مع مقاصدهم وتشبثوا بها لنفي (الخاتمية) ، وكان البعض منها غريباً عن مسألة الخاتمية إلى حد لا تستحق حتى طرحها ، ونذكر هنا قسمين فقط من تلك التي يمكن طرحها إلى حد ما والتي استندوا إليها أكثر :
١ ـ يقولون : إنّ الآيات لا تنفي إمكانية ظهور أنبياء آخرين. لأنّها تقول : (يَابَنِى آدَمَ امَّا يَأْتيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيكُم آيَاتِى فَمَنِ اتَّقَى وَاصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُونَ). (الأعراف / ٣٥)
إنّهم يقولون : بالالتفات إلى أنّ جملتي (يأتينكم) و (يقصون عليكم) هما فعلان
__________________
(١) مفاتيح الغيب ، ص ١٣.