قذفته فيها ، وإذا كان ولداً عصمته منها. وقد قال أحد شعرائهم بهذا الصدد مفتخراً :
سَميتُها إِذْ وُلدت تَموتُ |
|
والقبرُ صِهرٌ ضامنٌ ذمِّيتُ (١) |
إنّ هذا العمل سواء كان بدافع الفقر المدقع والاعتقاد بعدم الفائدة الاقتصادية للبنات أو بدليل التعصب المفرط ضدهن لتفادي وقوعهن في الحروب أسيرات بيد الأعداء فهو أفضع وأوحش عادات عصر عرب الجاهلية.
وقد عاب القرآن هذه الاعتقادات مراراً بقوله تعالى : (وَاذَا بُشِّرَ احدُهُم بِالانثَى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدّاً وَهُوَ كَظيمٌ* يَتَوَارَى مِنَ القَومِ مِن سُوءِ مَابُشِّرَ بِهِ ايُمسِكُهُ عَلَى هُونٍ امْ يَدُسُّهُ فِى التُّرابِ الَا سَاءَ مَايَحكُمُونَ). (النحل / ٥٨ ـ ٥٩)
إنّ هذا العمل نوع من أنواع التعصب الأعمى لحفظ الشرف وقد جرهم لاقتراف أفضع الجرائم : (قتل الإنسان لطفله المسالم) وهو دليل واضحٌ على أعظم حالات الجهل وسقوط الأخلاق وانعدام العواطف الإنسانية والاستهانة بمنزلة المرأة في ذلك المجتمع الجاهلي وتعبير (أَيُمسِكُهُ عَلَى هُونٍ) يشير إلى أنّ وجود البنت يعدّ عاراً عندهم إلى الحد الذي يهرب من قومه وقبيلته تخلصاً من عارها ، غافلاً عن أنّ مسألة عدم وجود بنت تعني عدم وجود امهات ، وإذا انعدمت الامهات انعدم وجودهم أيضاً ، يقول أحد شعرائهم في هذا الصدد :
لكل أبي بنت يُراعي شؤونها |
|
ثلاثةُ أصهارٍ إذا حُمِدَ الصهرُ |
فبعلٌ يُراعيها وخِدرٌ يُكنّها |
|
وقَبرٌ يُواريها وخيرُهُم القَبرُ (٢) |
طفولة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله :
لا يوجد بحث كثير في القرآن الكريم عن طفولةِ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله إلّاسورة الضحى حيث نقرأ فيها : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فاغنَى). (الضحى / ٧ ـ ٨)
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٤٤.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٦ ، ص ٣٧٣٤.