بداية مرحلة البعثة النبوية :
ما تقدم يمثل لمحات مختصرة من القرآن الكريم حول حياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله قبل البعثة الشريفة ، والآن جاء دور البحوث المفصلة حول البعثة النبوية.
فقد أشار القرآن الكريم إشارات مختلفة حول بعثة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ومن جملتها الآيات الخمس التي جاءت في أول سورة العلق ، التي اتفق المفسرون على أنّ نزولها في بداية (١) الوحي وبعثة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله حيث قال عز من قائل : (اقْرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الانَسانَ مِن عَلَقٍ* اقْرَأ وَرَبُّكَ الاكرَمُ* الَّذِى عَلَّمَ بِالقَلَمِ* عَلَّمَ الانسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ) وكما هو المشهور فإنّ هذه الآيات نزلت على النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله في غار حراء.
أجل ، إنّ الله سبحانه وتعالى ذو القدرة هو الذي أنزل إليك كتاباً سماوياً عظيماً يحمل بين دفتيه أسمى العلوم والمعارف الجليلة والقوانين والدروس التربوية بوسائل بسيطة كالحروف الهجائية ، وأكد مرة اخرى على ضرورة تعلم القراءة باسم الخالق العظيم ، واضافة إلى مسألة القراءة أشار إلى تعلم الكتابة وإلى أنّ الله سبحانه هو المعلم ، الله معلم البشر الأول الذي (عَلَّمَ الانَسانَ مَالَمْ يَعْلَم) فكانت طرق التعليم على ثلاثة أقسام : (قسم خلقها على هيئة علوم فطرية في وجودها مع الإنسان في الفطرة ، وقسم آخر يعتمد العقل والتدبر والتفكير في عالم الخلق ، والقسم الثالث عن طريق الأنبياء).
إنّ هذه الآيات القرآنية تدل على أنّ البعثة بدأت في جو مفعمٍ بالمعنوية ومملوء بنور العلم والمعرفة (٢).
فثقل الوحي من جهة وثقل الرسالة التي أُلقيت على عاتق الرسول صلىاللهعليهوآله من جهة اخرى ، والمستقبل المُرعب في المجابهة المحتومة مع المشركين المعاندين المتعصبين من جهة
__________________
(١) أورد بعض المفسرين ومن بينهم القرطبي قولاً ضعيفاً هو إنّ أول آية نزلت على الرسول صلىاللهعليهوآله هي آيات ، سورةالحمد ، أو المدثر ، ولكن وفقاً لما ورد في تفسير روح البيان ، إذا كان هناك خلاف ففي سورة العلق كلها ولا يوجد هناك خلاف على الآيات الخمس الأوائل منها بكونها أول آيات نزلت ، ج ١٠ ، ص ٤٧٠.
(٢) في الآيات ١٦٤ من سورة آل عمران والآية ٢ من سورة الجمعة أيضاً إشارات إلى أصل البعثة ولم تذكر الآيات الاولى التي نزلت.