وبالأخص أنّ كثيراً من المفسرين قد أشاروا إلى ذلك.
ومن المعروف أنّ دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله كانت سرية في بداية البعثة ولم يتصل ويدع إلى الإسلام إلّاالخواص الذين كان يطمئن باستعدادهم النسبي لتلبية دعوته ، وفي هذه المدّة آمنت به عدّة معدودة.
قصة يوم الدار :
وفي السنة الثالثة للبعثة أمر الله سبحانه رسوله الكريم صلىاللهعليهوآله أن يعلن الدعوة الإسلامية فنزلت الآية الكريمة : (وَانذِرْ عَشِيرَتَكَ الاقرَبِينَ). (الشعراء / ٢١٤)
وفي ا لآية : (فَاصدَعْ بِمَا تُؤمَرْ وَاعرِضْ عَنِ المُشرِكِينَ). (الحجر / ٩٤)
فأعلن الرسول صلىاللهعليهوآله دعوته مبتدئاً بالأقربين من عشيرته ، وهذه القصة معروفة ، وقد بيّناها في القسم السابق.
وفي هذه الأثناء تعرض الرسول صلىاللهعليهوآله إلى ضغوط متنوعة ، وتحرك الأعداء ضده من كل حدبٍ وصوبٍ.
والجدير بالذكر أن تحرك الأعداء ضد الرسول صلىاللهعليهوآله كان على عدّة مراحل واشكال مختلفة (ويظهر أنّ هذه المراحل كانت موجودة في جميع الدعوات الإلهيّة).
المرحلة الاولى : كانت مرحلة الاستهزاء وهي أول المراحل في زمان لم ينظر فيه المشركون بشكل جدي إلى الدين الجديد ، ولم يحسوا بخطره الحقيقي ، بل تصوروا أنّ السخرية والاستهزاء سينهيان الأمر سريعاً ولا يحتاج إلى أكثر من ذلك ، وقد جاء تعبير عن تلك المرحلة بقوله تعالى : (وَاذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا انْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً اهَذَا الَّذِى يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بَذِكْرِ الرَّحَمنِ هُمْ كَافِرُونَ) (١). (الانبياء / ٣٦)
ولم تنحصر السخرية والاستهزاء بنبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآله بل تعرض لها جميع الأنبياء
__________________
(١) وجاء مثل هذه المعنى في الآية ٤١ من سورة الفرقان (وَإِذَا رَأَوْكَ ان يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً).