قال تعالى : (لَقَدِ ابتَغَوُا الفِتنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الامُورَ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ امرُ اللهِ وَهُم كَارِهُونَ). (التوبة / ٤٨)
إنّ هذه المراحل الست السالفة الذكر لم تكن في مقابل الثورة الإسلامية للرسول الكريم وحده صلىاللهعليهوآله فحسب بل في مقابل كل الثورات الإلهيّة وهي بدورها موضوع لقصة مفصلة نتعلم منها الكثير.
ولكن لم يفلح الأعداء بكل مساعيهم للاطاحة بالإسلام وظلت شجرته زاهيةً مثمرةً حيث غطّت باغصانها واوراقها كل أصقاع شبه الجزيرة العربية كما دلت الآية الكريمة (اذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ* وَرَأيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دينِ اللهِ افْوَاجاً). (النصر / ١ ـ ٢)
الأشهر الأخيرة من حياة الرسول صلىاللهعليهوآله :
إنَّ السنة الأخيرة من حياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله هي السنة التي كانت فيها (حجة الوداع) ونزلت بها آخر سورة من سور القرآن يعني سورة (المائدة) ، ومع نزول آخر رسالة للوحي على الرسول صلىاللهعليهوآله أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم صلىاللهعليهوآله أن يعين أمير المؤمنين علياً عليهالسلام وصياً له وخليفة من بعده كما في قوله تعالى : (يَاايُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا انْزِلَ الَيكَ مِن رَّبِّكَ وَانْ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ انَّ اللهَ لايَهْدِى القَوْمَ الكَافِرِينَ). (المائدة / ٦٧)
وفي (غدير خُم) ذلك المعبر الكبير الذي كان مُفتَرقَ طرق للمجاميع التي جاءت مع الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله في (حجة الوداع) وأمام الجمع الكبير أدّى الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله حق الرسالة بإظهار هذا الأمر (١).
وحلت الحادثة الكبيرة المؤلمة وهي رحيل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله من الدنيا في وقت كان الإسلام ثابت الأركان من جميع النواحي. وله أرضية مهيأة للانتشار في جميع أنحاء العالم. ولذا فقد كانت توقعات الأعداء هي ذهاب الإسلام مع رحلة الرسول صلىاللهعليهوآله ولكن خابت
__________________
(١) ويمكن مراجعة تفصيل ذلك في التفسير الأمثل ، ذيل الآية مورد البحث.