ومنازلته وعجزوا عن القيام به فذلك دليل على إعجاز عمله.
وبعبارة اخرى احتج القرآن عليهم في هذه العبارات بكلام فريد من نوعه بقوله : إذا كنتم تعتقدون بأنّ هذه الآيات هي من صنع عقل البشر فأنتم أيضاً بشر ، ولكم عقول وأفكار ولا يندر وجود البلغاء والمتكلمين والفصحاء في أوساطكم ، فاذا كنتم صادقين في هذا الادّعاء فأتوا بآيات مثل هذه الآيات. فيدعوهم إلى المشاركة في هذه المنازلة من خلال عباراته المتنوعة والمثيرة.
من جهة اخرى لو كان بإمكان أولئك الانتصار في مثل هذه المنازلة ، لحشدوا كلَّ قواهم لأنَّ الانهزام في هذه المواجهة يساوي التضحية بكل شيء عندهم.
لقد كان القرآن في مواجهة حادة مع اسس ثقافتهم المتمثلة في عبادة الأوثان والمتغلغلة في مختلف شؤون حياتهم ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل أنزل شيوخهم ووجهاءهم وأثرياءهم المغرورين من اوج جبروتهم وقدرتهم إلى منتهى الحضيض ، وسلب منهم امتيازاتهم المصطنعة والموهومة كافة.
وبغض النظر عن الشواهد التاريخية التي سوف نشير إليها لاحقاً فإنّ العوامل المحركة للمقابلة بالمثل كانت كثيرة جدّاً وإذا كان باستطاعتهم حقاً أن يجردوا النبي محمداً صلىاللهعليهوآله من السلاح بهذا الاسلوب ، لما دعت الحاجة إلى كل هذه الحروب الدموية ، والمجابهات الساخنة وحيث إننا نراهم قد توسلوا بكل شيء سوى محاولة الإتيان بمثل آيات القرآن ، فهذا بنفسه أكبر دليل على انهزامهم في هذه المنازلة.
* * *
توضيحات
أ) تأثير القرآن وجاذبيته المنقطعة النظير
هناك قصص ووقائع موثقة وعجيبة يذكرهالنا التاريخ تروي من جهة عمق التأثير الذي يتركه القرآن الكريم على قلوب المخاطبين ، وحتى على أولئك الذين لا يؤمنون بالإسلام