«أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين احساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإيّاهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلّابالحق ذلكم وصّاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلّابالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلّاوسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصّاكم به لعلكم تذكرون».
فلما سمع أسعد هذا قال له : أشهد أن لا إله إلّاالله وأنّك رسول الله ، يارسول الله بأبي أنت وامي أنا من أهل يثرب من الخزرج ، وبيننا وبين اخوتنا من الأوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها الله بك ، ولا أجد أعزّ منك ، ومعي رجل من قومي فإن دخل في الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك ، والله يارسول الله لقد كنا نسمع من اليهود خبرك ، ويبشروننا بمخرجك ، ويخبروننا بصفتك ، وارجو أن يكون دارنا دار هجرتك عندنا ، فقد أعلمنا اليهود ذلك ، فالحمد لله الذي ساقني إليك ، والله ما جئت إلّالنطلب الحلف على قومنا ، وقد آتانا الله بأفضل ممّا أتيت له. ثم أقبل ذكوان فقال له أسعد : هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به ، وتخبرنا بصفته ، فهلّم فأسلم ذكوان ، ثم قالا : يارسول الله ابعث معنا رجلاً يعلمنا القرآن ، ويدعو الناس إلى أمرك ، فقال رسول الله لمصعب بن عمير ، وكان فتى حدثاً مترفاً بين أبويه يكرمانه ويفضلانه على أولادهما ولم يخرج من مكة ، فلما أسلم ، جفاه أبواه ، وكان مع رسول الله في الشعب حتى تغيّر وأصابه الجهد ، وأمره رسول الله بالخروج مع أسعد ، وقد كان تعلم من القرآن كثيراً ، فخرجا إلى المدينة ، ومعهما مصعب بن عمير فقدموا على قومهم وأخبروهم بأمر رسول الله وخبره ، فأجاب من كل بطن الرجل والرجلان(١).
٦ ـ قصة الأصمعي المثيرة
ينقل الزمخشري في تفسير (الكشاف) عن الأصمعي (٢) أنّه قال : أقبلت من جامع البصرة
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ١٩ ، ص ٨ ـ ١٠.
(٢) اسمه عبد الملك بن قريب ، عاش في أيّام هارون الرشيد ، اشتهر بكثرة حفظه ومعلوماته الواسعة عن تاريخ العرب وآدابهم توفي في البصرة سنة ٢١٦ ، الكنى والالقاب ، ج ٢ ، ص ٣٧.