فطلع أعرابي على قعود له فقال : من الرجل؟ قلت : من بني أصمع ، قال : من أين أقبلت؟ قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن ، فقال : اتل عليَّ ، فتلوت «والذاريات» فلما بلغت قوله تعالى : (وَفِى السَمَاء رِزْقُكُمْ) قال : حسبك ، فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر ، وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى ، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف فاذا أنا بمن يهتف بي بصوت دقيق ، فالتفتُّ فاذا أنا بالأعرابي قد نحل واصفّر ، فسلم عليَّ واستقرأ السورة ، فلما بلغت الآية صاح وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقاً ، ثم قال : وهل غير هذا؟ فقرأت : (فورب السماء والأرض إنّه لحق) ، فصاح وقال : ياسُبحان الله ، من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف ، لم يصدقوه بقوله حتى الجأوه إلى اليمين ، قالها ثلاثاً وخرجت معها نفسه (١).
٧ ـ رد فعل إعرابي تجاه آية من القرآن
وروي أنّ رجلاً تعلم من النبي صلىاللهعليهوآله القرآن فلما انتهى إلى قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَهُ) (الزلزلة / ٧ ـ ٨)
قال : يكفيني هذه ، وانصرف ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : انصرف الرجل وهو فقيه (٢).
٨ ـ القصة المثيرة للسيد قطب
ينقل السيد قطب في تفسيره في ظلال القرآن قصة عجيبة من حياته ، وذلك في ذيل قوله تعالى : (امْ يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ). (يونس / ٣٨)
يقول : اذكر حادثاً وقع لي وكان عليه معي شهود ستة ، وذلك منذ نحو خمسة عشر عاماً ... كنّا ستة مسلمين على ظهر سفينة مصرية تمخر عباب المحيط الأطلسي إلى نيويورك ، من بين ١٢٠ راكباً وراكبة أجانب ليس فيهم مسلم ... وخطر لنا يوم الجمعة أن
__________________
(١) الكشاف ، ج ٤ ، ص ٤٠٠.
(٢) تفسير روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٥ ؛ وتفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٦٥٠ ؛ وسفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٤١٤ ، مادة (قرء) والتفسير الأمثل ، ذيل آيات سورة الزلزال.