وللأمثلة فوائد عديدة ، منها أنّها تجعل المسائل العقلية حسية وتقرب الطرق البعيدة ، وتوصل فهم المسائل إلى جميع الناس وبصورة شاملة ، وتصعّد درجة الاطمئنان بالامور المطروحة ، ومن ثم المثال المناسب يعتبر رداً صاعقاً على منطق المعاندين ، وقد جمع بعض المحققين أمثال القرآن في كتاب درس وحلل فيه أكثر من مائة مثال قرآني.
إنّ أمثلة القرآن معجزة حقاً ، ويكفي من أجل الوصول إلى هذه الحقيقة ، أن نجعل قسماً منها مورداً للبحث.
مقتطفات من الأمثلة الاعجازية للقرآن :
حينما يريد القرآن رسم مشهد دقيق عن الحق والباطل يقول : (انْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ اوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدَاً رَّابِيَاً وَمِمَّا يُوْقِدُونَ عَلِيهِ فِى النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ اوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَامَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَامَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الارْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الامْثَالَ). (الرعد / ١٧)
لقد بيّن الله تعالى معالم صورة الحق والباطل على احسن وجه في هذا المثال الغزير بالمعاني والمشتمل على ألفاظ وعبارات موزونة ، وتجدر الإشارة هنا إلى بعض الحقائق المهمّة التي تضمنها هذا المثال :
١ ـ يحدث أحياناً أن تلتبس كثيراً عملية التمييزبين الحق والباطل ممّا يقتضي الرجوع إلى الأمثلة والأدلة.
٢ ـ الحق دائماً يعود على الإنسان بالخير والفائدة شأنه شأن الماء الصافي الذي هو مادة الحياة أو نظير المعدن الخالص الذي يستخدم للزينة أو لوسائل الحياة الضرورية.
٣ ـ الحق غني في ذاته قائم بنفسه دائماً ، أمّا الباطل فيستمد العون من مكانة الحق ويسعى إلى التلبس به والاستفادة من قيمه مثلما يستمد أي نوع من أنواع الكذب وجوده وشأنه من الصدق بحيث لو لم يظهر على مسرح الوجود كلام صادق لم يتصور أحد معنى الكذب ، وإذا لم يكن للحق وجود لما عُرف الباطل.