٤ ـ إنّ استفادة أي موجود بحسب قابليته وقدرته كما يجمع الوادي من ماء المطر على قدر اتساعه واستيعابه.
٥ ـ الباطل يبحث دائماً عن سوق مضطرب ، مثله كمثل الماء المنحدر من قمة الجبل فانّه ينهمر بسرعة مصحوبة بهدير وتلاطم يعلوه الزبد ، أمّا عندما يصل إلى السهل فإنّ هديره وهيجانه سوف يهدأ وكذلك الزبد فانه يختفي ولا يبقى له أثر.
٦ ـ الباطل لايظهر في صورة واحدة وإنّما يظهر في كل لحظة بشكل معين ، مثلما يطفو الزبد على سطح الماء وعلى سطح المعادن في فرن صهر المعادن ، لذلك لا ينبغي الانخداع بتلك المظاهر المختلفة على الاطلاق ، ولابد من تحديد مقاييس لمعرفة الحق والباطل ، لتشخيص وفرز كل واحد منهما عن الآخر.
٧ ـ الصراع بين الحق والباطل مستمر استمرار الحياة ويتوارث من جيل لآخر فهذا ماء عذب فرات وهذا ملح اجاج ، يسري بين الخلائق حتى ينفح في الصور فكما أن تساقط الأمطار من السماء وذوبان المعادن في فرن صهر المعادن مستمر ودائم ، كذلك هذا الأمر مستمر ودائم أيضاً.
٨ ـ الباطل يميل إلى التعالي وجلب الأنظار ، لكنه خاوٍ من أي محتوى ، أمّا الحق فيمتاز بالتواضع والهدوء والمهارة في الفن.
وهناك نكات أخرى يمكن استخلاصها من هذه الأمثلة وفي مجالات مختلفة إذا ما دققنا النظر في الزوايا المختلفة لهذه الآية.
وهذه الآية تمثل نموذجاً من الأمثال القرآنية ، وهناك أمثال أخرى نظير المثل الذي يدعو الناس للانفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى ، ويشبه ذلك بالحبوب والسنابل ، كما ورد في الآية ٢٦١ من سورة البقرة ، وكالمثال الذي ورد في ذم الأعمال المقرونة بالرياء حيث صورها القرآن كالحجر الصلب الذي يعلوه التراب ، فاذا أصابه المطر أزال عنه التراب وتركه صلداً أملساً ، أما الأعمال الخالصة لوجه الله فقد شبهها المثل بالجنة على مكان مرتفع وأصابها المطر فآتت ثمارها ضعفين. كل ذلك ورد في الآيتين ٢٦٤ و ٢٦٥ من سورة البقرة.