٣ ـ متى بدأ البحث في الإمامة؟
بعد رحيل النبي صلىاللهعليهوآله جرى جدلٌ حول من يخلف النبي ، فطائفة كانوا يعتقدون بأنّ النبي صلىاللهعليهوآله لم ينصب احداً لخلافته ، واوكل هذا الأمر إلى الأمة ، بأنْ يجلسوا ويختاروا قائداً من بينهم ، القائد الذي يمسك بزمام الحكم ، ويحكم الناس باعتباره موكلاً من قبلهم ، وإن لم يجر هذا الاختيار أبداً ، بل إنّ مجموعة صغيرة من الصحابة قامت باختيار الخليفة في مرحلة ، وفي المرحلة الاخرى اتخذ انتخاب الخليفة طابعاً تعينياً ، وفي المرحلة الثالثة أُوكِلَ هذا الاختيار إلى مجلس من ستة أشخاص كلهم معينون.
ويطلق على اتباع هذا المنحى «أهل السّنة».
وفريق آخر كانوا يعتقدون بوجوب تعيين الإمام وخليفة النبي صلىاللهعليهوآله من قبل الله تعالى ، لأنّه يجب أن يكون مثل النبي صلىاللهعليهوآله معصوماً من الزلل والخطأ ، وذا علم خارق للعادة لكي يتحمل قيادة الأمة معنوياً ومادياً ، ويحفظ أساس الإسلام ، ويبيّن مشاكل الأحكام ، ويشرح دقائق القرآن ، ويعمل على استمرار الإسلام.
ويطلق على هذه الطائفة «الإمامية» أو «الشيعة» ، وقد أخذت هذه الكلمة من الأحاديث المعروفة والصادرة عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله.
فقد روي في تفسير الدر المنثور وهو من المصادر المعروفة لدى أهل السنّة عن جابر بن عبد الله الأنصاري تعقيباً على الآية الكريمة : (اولئكَ هُم خَيرُ البَرِيّةِ) ، أنّه قال : كنّا عند النبي فأقبل علي عليهالسلام فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «والذي نفسي بيده أنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة» ، ونزلت : (انَّ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اولئكَ هُمْ خَيْرُ البَريَّةِ). (البينة / ٧)
فكان أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله إذا أقبل علي ، قالوا جاء خير البرية (١).
ويروي الحاكم النيسابوري وهو من علماء أهل السنة المعروفين في القرن الخامس الهجري هذا المعنى في كتابه المعروف شواهد التنزيل بطرق مختلفة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وقد تجاوز عدد رواياته العشرين.
__________________
(١) تفسير در المنثور ، ج ٦ ، ص ٣٧٩ ، ذيل الآية ٧ ، من سورة البينة.