على هذا الأساس فمفهوم الآية الكريمة : (انَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِجْسَ) ، هو تعلُّق الإرادة الإلهيّة المستمرة بطهارة وقداسة وعصمة أصحاب الكساء.
* * *
شبهات حول العصمة :
تثار عدّة أسئلة فيما يتعلق بعصمة الأنبياء والأئمّة المعصومين عليهمالسلام أهمها هو : أليس العصمة صفة إجبارية؟ فاذا كانت العصمة موهبة إلهيّة تمنح فقط إلى هؤلاء ، وليس بمقدور الأنبياء والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ارتكاب الذنب ، أو أنّ الله يحول دون عوامل الذنب بشكل حازم ، فما الفضيلة والفخر في ذلك؟
لقد تمّ تقديم الاجابة عن هذا السؤال بشكل مفصّل في الجزء السابع من نفحات القرآن في بحث عصمة الأنبياء وهو باختصار :
إنّ إثارة هذه الشبهة سببه عدم التمعُّن باصول عصمة المعصومين عليهمالسلام ، فهم لم يلتفتوا إلى أنّ هذه «التقوى الراسخة» تنبع من «إيمانهم القوي وعلمهم ومعرفتهم الخارقة» التي يكون جانب منها اكتسابياً والآخر هبة ، فمثلاً : إنّ الإنسان الذي يبلغ درجة عالية في الطب ، محال أن يشرب ماءً ملوثاً بالجراثيم ، بينما ربّما يفعل الإنسان الامي هذا الأمر ، إنّ امتناع الطبيب عن شرب الماء الملوث كان باختياره ، فهو يستطيع شرب ذلك الماء ، إلّاأنّ إيمانه ومعرفته بعواقب الأمر تحول دون ذلك ، فهو شبيه المعصوم في حرية إرادته ازاء القيام بهذا العمل (١).
* * *
السؤال الآخر هو : إنّ الأئمّة اعترفوا بالخطأ والذنب من خلال كلماتهم ، فكيف يمكن اعتبارهم معصومين؟ ففي أدعيتهم يسألون الله أن يغفر لهم ذنوبهم ، وهذا بحد ذاته دليل على عدم عصمتهم.
__________________
(١) للمزيد من الايضاح راجعوا ج ٧ ، ص ١٥٥ ـ ١٦٠ من هذا التفسير.