وَالْأَبرَصَ بِإِذْنِى وَاذْ تُخْرِجُ المَوتَى بِإِذْنىِ). (المائدة / ١١٠)
والملفت للنظر هو أنّ اختلاف التعبير الذي كان في سورة آل عمران ظاهرٌ بدقّة هنا أيضاً ، أي لم تُنسب مسألة الخلق وخلق الطير إلى المسيح عليهالسلام ، ولكن نُسبَ إليه احياء الموتى وشفاء المرضى والعمي الذين يستحيل علاجهم ، وإنْ جاء التعبير بإذن الله في كل ذلك.
وملخص الكلام أنّ هذه الآيات تثبت بأنَّ الولاية التكوينية لعيسى عليهالسلام هي في نطاق خاص ، وليس هنالك دليلٌ على اختصاصها المطلق بالمسيح عليهالسلام ، ويمكن أن تصدق بحق سائر الأنبياء أو الأئمّة المعصومين عليهمالسلام بمقتضى أنّ : «حكمُ الأمثال في ما يجوز وما لا يجوز واحدٌ».
* * *
وفي الآية الثانية يتحدث تعالى عن تسخير الرياح لسليمان عليهالسلام ويقول : «فَسَخَّرنَا لَهُ الرِّيحَ تَجرِى بِأَمرِهِ رُخَاءً حَيثُ اصَابَ».
ويستفاد من هذه الآية والآيات التي تليها أنّه وكما أنّ الشياطين كانت تُنفِّذ أمر سليمان وتنجزُ له أعمالاً مهمّةً في البر والبحر ، فإنّ الريح كانت تُنفِّذ أمره أيضاً ، وكانت تتحرك حيث يأمرها ، وهذا الأمر ليس سوى مصداق للولاية التكوينية في هذا الجانب من الموجودات.
وورد نظير هذا المعنى أيضاً في سورة الأنبياء ، والحديث هنا عن أمر سليمان عليهالسلام على العواصف ، إذ يقول تعالى : (وَلِسُلَيَمانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجرِى بِأَمرِهِ الَى الارضِ الَّتِى بَارَكنَا فِيهَا). (الانبياء / ٨١)
وهذا الاحتمال واردٌ أيضاً فيما جاء في قصة موسى عليهالسلام في البقرة ، الآية ٦٠ : (من ضرب الحجر وانبثاق عين الماء فيه بإذن الله) ، (وكذا ضربُ البحر بالعصا ، حيث يقول تعالى : (فَاوْحَيْنَا الَى مُوسَى انِ اضْرِبْ بِّعَصَاكَ البَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّودِ العَظِيمِ). (الشعراء / ٦٣)