وفي مكان آخر يقول تعالى بشأن فئة من الأنبياء : (وَجَعَلْنَاهُم ائمّةً يَهْدُونَ بِامْرِنَا). (الأنبياء / ٧٣)
كما ورد هذا المفهوم العام والجامع في الآيات (٧٤ من سورة الفرقان ، و ٥ من سورة القصص ، و ٢٤ من سورة السجدة أيضاً).
وذكرت أيضاً بمعنى أئمّة الكفر والضلالة في مورد واحد : (فَقَاتِلُوا ائِمّةَ الكُفْرِ). (التوبة / ١٢)
واطلقت أيضاً في حالة واحدة على مفهوم يشمل أئمّة الهدى والضلال : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ انَاسٍ بِإِمَامِهِم). (الاسراء / ٧١)
على أيّة حال ، فموارد استخدام هذه الكلمة في القرآن اثني عشر مورداً تماماً.
* * *
٤ ـ عظمة منزلة الإمام في القرآن الكريم
إنّ مسألة الإمامة والقيادة كما سنتطرق إليها فيما بعد ليست مسألة دينية وتشريعية فحسب ، بل إنّ عالم الخلق والتكوين يخضع لها ، الله هو إمام عالم الوجود ومكوناته المختلفة ، وهو يهديها ويدبرها جميعاً.
ويعطي القرآن الكريم أهميّة خاصة للإمامة ويعتبرها آخر مرحلة من مسيرة تكامل الإنسان ، لم يصلها إلّااولوا العزم من الأنبياء ، إذ يقول تعالى : (وَاذِ ابتَلَى ابرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَاتَمَّهُنَّ قَالَ انِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ امَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيّتَىِ قَالَ لايَنَالُ عَهدِى الظَّالِمِينَ). (البقرة / ١٢٤)
هنالك جدل كثير بين المفسرين حول هذه الكلمات التي اشير إليها في مطلع الآية ، وكما يقول صاحب روح المعاني : لقد ذكروا حولها ثلاثة عشر قولاً (١).
إلّا أنّ ما يبدو صحيحاً هو أنّ المراد من هذه الكلمات هو «الأوامر والنواهي» التي تلقي
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ١ ، ص ٣٣٦.