توضيحات
١ ـ معنى الولاية والمولى في حديث الغدير
لقد اطلعنا على حديث الغدير المتواتر بشكل إجمالي ، والعبارة المشهورة التي جاءت عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في جميع الكتب وهي : «من كنتُ مولاه فعليٌ مولاه» توضح الكثير من الحقائق ، وإن أصرّ كثيرٌ من كتاب أهل السنّة على تفسير كلمة «المولى» بمعنى الصديق والمحبّ والناصر ، لأنّ هذا أحد المعاني المعروفة لـ «المولى».
ونحن نسلّم بأنّ إحدى معاني «المولى» الصديق والمحب والناصر ، إلّاأنّ ثمّة قرائن عديدة تثبت أنّ المولى في الحديث أعلاه تعني «الولي والمشرف والقائد» وهي كما يلي بإيجاز :
١ ـ إنّ قضية محبّة علي عليهالسلام مع جميع المؤمنين لم تكن أمراً خفياً وسريا ومعقداً ، بحيث يحتاج إلى هذا التأكيد والايضاح ، وبحاجة إلى إيقاف ذلك الركب العظيم وسط الصحراء القاحلة الساخنة والقاء خطبة عليهم لأخذ الاقرارات من ذلك الجمع.
فالقرآن يقول بصريح القول : (انَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ). (الحجرات / ١٠)
وفي موضع آخر يقول : (وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعضُهُمْ اوْلِيَاءُ بَعْضٍ). (التوبة / ٧١)
والخلاصة : إنّ الاخوة الإسلامية ومودّة المسلمين مع بعضهم من أكثر المسائل الإسلامية بداهة ، حيث كانت موجودة منذ انطلاقة الإسلام ، وطالما أكّد عليها النبيُّ صلىاللهعليهوآله مراراً بالإضافة إلى عدم كونها مسألة تحتاج إلى بيان بهذا الاسلوب الحاد في الآية ، وأن يشعر النبي صلىاللهعليهوآله بالخطر من البوح بها (تأملوا جيداً).
٢ ـ إنّ عبارة : «ألَسْت اولى بكم من انفسكم» الواردة في الكثير من الروايات لا تتناسب أبداً مع بيان مودّة عادية ، بل إنّه يريد القول إنّ تلك الأولوية والصلاحيات التي لي تجاهكم وكوني نبيّكم وإمامكم وقائدكم ، فإنّ كل ذلك ثابت لعلي عليهالسلام وأنّ أي تفسير لهذه العبارة غير ما قيل فهو بعيد عن الانصاف والواقعية ، لاسيما مع الأخذ بنظر الاعتبار جملة «من أنفسكم» (أنا أولى بكم من أنفسكم).