المتيقن بأنّها ليست إشارة إلى شخص النبي صلىاللهعليهوآله ، لأنَّ الآية تقول :
ندعُ ... وأنفسنا ، فإن كان المراد هو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فإنّ دعوة الإنسان لنفسه لا معنى لها ، بناء على ذلك فلا يبقى سبيل إلّاأنّ نقول : أنّ المراد هو علي عليهالسلام فحسب.
والملفت للنظر هو أنّ «الفخر الرازي» ينقل في ذيل هذه الآية عن «محمود بن الحسن الحمصي» وهو من علماء الشيعة ، أنّه يثبّت من خلال هذه الآية أنّ علياً أفضل من الأنبياء والصحابة أجمعين بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله. فيقول : ليس المراد بقوله (وأنفسنا) نفس محمّد صلىاللهعليهوآله لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أنّ ذلك الغير كان علياً عليهالسلام فدلّت الآية على أنّ نفس علي هي نفس محمّد صلىاللهعليهوآله ، ولا يمكن أن يكون المراد منه أنّ هذه النفس هي عين تلك النفس ، فالمراد أنّ هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ....
ثمّ الإجماع دل على أنّ محمداً صلىاللهعليهوآله كان أفضل من سائر الأنبياء عليهمالسلام فيلزم أن يكون علي أفضل من سائر الأنبياء عليهمالسلام فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية ، ثمّ قال : ويؤيد الاستدلال بهذه الآية الحديث المقبول عند الموافق والمخالف هو قوله عليهالسلام : «مَنْ أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحاً في طاعته ، وإبراهيم في خلته ، وموسى في هيبته ، وعيسى في صفوته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام».
ثمّ يضيف قائلاً : (وأمّا سائر الشيعة فقد كانوا قديماً وحديثاً يستدلون بهذه الآية على أنّ علياً (رضى الله عنه) أفضل من سائر الصحابة ، وذلك لأنّ الآية لما دلت على أنّ نفس علي (رضى الله عنه) مثل نفس محمّد صلىاللهعليهوآله إلّافيما خصّه الدليل وكان نفس محمّد أفضل من الصحابة (رضوان الله عليهم) فوجب أن يكون نفس علي أفضل أيضاً من سائر الصحابة) (١).
وبعد ايراده لهذا الدليل يمر الفخر الرازي مر الكرام ويكتفي في الجواب قائلاً : (إنّه كما انعقد الإجماع بين المسلمين على أنّ محمّداً صلىاللهعليهوآله أفضل من علي ، فكذلك انعقد الإجماع بينهم قبل ظهور هذا الإنسان ، على أنّ النبيّ أفضل ممن ليس بنبيّ واجمعوا على أنّ علياً
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ٨ ، ص ٨١.