«إنّه يثبت هذا الأمر من خلال وجوب عصمة الإمام وأنّ كل نبي إمام» (تأملوا جيداً أيضاً) (١).
وبطبيعة الحال يستفاد من هذه الآية مطالب اخرى بشأن الإمامة ووجوب عصمة الإمام ، وتنصيبه من قبل الله وغير ذلك مما لا يسع المقام لبحثه.
والآن وعلى ضوء ما مرّ تتضح عظمة وجلالة الإمامة في نظر القرآن الكريم ، وقد كان غرضنا هنا بيان هذه النقطة.
* * *
٥ ـ فلسفة وجود الإمام
بالرغم من اتضاح فلسفة وجود الإمام بنحو إجمالي في البحث السابق من خلال الاستعانة بالآيات المتعلقة بإمامة إبراهيم عليهالسلام إلّاأنّ هذا الموضوع مهم إلى الحد الذي يتطلب فتح بحث مستقل له.
وبشكل عام فإنّ الكثير من الامور التي تذكر على أنّها الأهداف من بعثة الأنبياء أو فلسفة وجودهم ، تصدق بحق الإمام أيضاً.
لقد تطرق الخواجة نصير الدين الطوسي قدسسره إلى بيان فلسفة بعثة الأنبياء في فصل النبوة من كتاب تجريد الاعتقاد وأشار العلّامة الكبير الحلّي في شرح ذلك الكلام إلى تسع نقاط من هذه الفلسفة إجمالاً ندرجها كما يلي ، ونضعها أمام القاريء الكريم ، وكما سنلاحظ فإنّ الكثير منها يصدق على قضية تعيين الأئمّة المعصومين عليهمالسلام أيضاً :
١ ـ ترسيخ المعرفة العقلية عن طريق البيان النقلي ، من هنا فإنّ الإنسان يدرك الكثير من الحقائق سواء في الاصول أو في فروع الدين من خلال القوة العقلية ، إلّاأنَّ الوساوس قد تغزو قلبه أحياناً ، وهذا الاضطراب يحول دون أدائها ، أما إذا تم تأييد وترسيخ هذه الأحكام العقلية بكلام الأئمّة المعصومين فستزال جميع أشكال الغموض والاضطراب ، ويسعى الإنسان لأدائها برباطة جأش.
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ٤ ، ص ٤٣.