٢ ـ آية خير البرية
(انَّ الَّذيِنَ آمَنوُا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الَبِريَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجرِى مِنْ تَحتِهَا الانهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ابَداً رَّضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ). (البيّنة / ٧ ـ ٨)
في هذه الآيات وما قبلها ذكر الله تعالى «خير» و «شر» مخلوقاته ، فهو يصف الكفار والمشركين وأهل الكتاب الذين يفكّرون بإطفاء نور الله من خلال مختلف الدسائس والمؤامرات ، وهم ضالون ويجرّون الآخرين نحو الضلالة ، بأنّهم شر البرية (١) ، وفي المقابل وصف المؤمنين الذين اكتشفوا طريق الحقّ في ظل إيمانهم وكانوا ولا زالوا مصدراً للأعمال الصالحة ، فبالاضافة إلى أنّهم مهتدون فهم نبراس هداية الآخرين ، على أنّهم «خير البرية».
صحيح أنّ مفهوم الآية واسع وشامل ، ولا يختص بشخص أو أشخاص معينين ، ولكن تمت الإشارة في العديد من الروايات الإسلامية التي جاءت في مصادر الحديث لأهل السنّة والشيعة ، إلى أشخاص يقفون في طليعة (خير البرية) وأفضل مخلوقات الله.
إنّ التمعن في مضمون هذه الروايات بإمكانه ايضاح الكثير من الحقائق التي يلفها الغموض لحد الآن بالنسبة للبعض. وأن يكون رداً على الكثير من الأباطيل النابعة عن الجهل.
__________________
(١) «البرية» من مادة «برء» وتعني الخلق ، لذا يقال لله تعالى «الباري» بمعنى «الخالق» والمخلوقات برية ، وقال البعض ، إنّ «البرية» من «البري» وتعني «التراب» وبما أنّ المخلوقات برئت من التراب فيقال لها «برية» ، وقال البعض أيضاً ، إنّ «البرية» أخذت من «بريت القلم» ونظراً إلى أنّ المخلوقات تأتي إلى الوجود بأمر الله على أشكال مختلفة من حيث الهيئة والقامة كأنّهم يشبهون الأقلام المبراة في مصنع الخلق فيقال لها «برية» (يراجع تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧٢٣٥ ؛ ومفردات الراغب وسائر كتب اللغة).