ومن الضروري أيضاً الإشارة إلى هذا المطلب ، أنّه حسب اعتقاد طائفة من المحققين ، فإنّ الاعتقاد بوجود المهدي لا يقتصر على المسلمين فقط ، بل إنّ سائر اتباع المذاهب الاخرى أيضاً في انتظار مصلح كبير لهذا العالم ، وقد اشير إلى هذا المعنى في مصادرهم المختلفة ، وللتعرف على الشرح الوافي لهذا الموضوع لابدّ من مطالعة الكتب المصنّفة بشأن ظهور المهدي (١).
* * *
والآن ومع الأخذ بنظر الاعتبار اسلوب مباحث الكتاب التي تدور حول محور التفسير الموضوعي ، ننتقل إلى الآيات التي تشير إلى هذا الظهور الكبير :
١ ـ حكومة الصالحين في الأرض
نقرأ في قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكرِ انَّ الارْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصّالِحُونَ* انَّ فِى هَذَا لَبَلَاغَاً لِّقَومٍ عَابِدِينَ). (الأنبياء / ١٠٥ ـ ١٠٦)
تأتي هذه الآيات بعد الآيات التي تبيّن الأجر الاخروي للصالحين ، وفي الواقع فانها تكشف عن الاجر الدنيوي لهم ، وهو أجرٌ مهمٌ جداً ، ذلك أنّه يهيء أرضية السعادة وتطبيق أحكام الله تعالى ، وصلاح ونجاة المجتمع الإنساني.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ «الأرض» بمعناها المطلق تشمل كل الكرة الأرضية ، وجميع أنحاء العالم (إلّا إذا كانت هناك قرينة خاصة) ، فإنّ هذه الآية تعدّ بشارةً بخصوص الحكومة العالمية للصالحين ، وإذ لم يتحقق هذا المعنى في الماضي ، فلابدّ من انتظار تحققه في المستقبل ، وهذا هو نفس الشيء الذي نتوخاه تحت عنوان «الحكومة العالمية للمهدي».
__________________
ـ الكناني ، وهي الرسالة التي جاءت نتيجة مباحثة المذكور مع أربعة أشخاص آخرين من فقهاء الحجاز المعروفين وهم ، الشيخ صالح بن عثيمين ، والشيخ أحمد محمد جمال ، والشيخ أحمد علي ، والشيخ عبد الله الخياط.
(١) بإمكانكم مراجعة كتاب ثورة المهدي العالمية بهذا الشأن.