ونختم هذا البحث بحديث منقول عن «قتادة» المفسّر المعروف ، إذ يقول في تفسير هذه الآية : «الأديانُ ستَّةٌ : الَّذين آمنوا ، والذين هادوا ، والصابئون ، والنصارى ، والمجوس ، والذين اشركوا ، فالأديان كُلُّها تدخل في دين الإسلام» (١).
ومن الواضح أنّ هذا المعنى لم يتحقق بَعْدُ بشكل نهائي ، ولن يتحقق إلّافي عصر قيام المهدي عليهالسلام.
وهذه الملاحظة جديرة بالاهتمام أيضاً ، وهي : أنّ المقصود بزوال الديانة اليهودية والمسيحيّة ليس بشكل كامل ، بل المقصود حاكمية الإسلام على العالم اجمع (تأملوا جيداً).
* * *
آثار انتظار المهدي عليهالسلام :
تصوّر بعض الجهلة أنّ انتظار ظهور المهدي عليهالسلام بناءً على الآيات والروايات الآنفة ، يمكن أن يتسبب في الركود والتخلف ، أو الهروب من تحمّل أعباء المسؤوليات ، والاستسلام أمام الظلم والاضطهاد ، ذلك أنّ الاعتقاد بهذا الظهور الكبير يعني في مفهومه اليأس وقطع الأمل في إصلاح العالم قبله ، بل وحتى الاعانة على انتشار الظلم والفساد لكي تتهيأ الأرضية المناسبة لظهوره!
لقد مرّت سنوات عديدة وألسن المخالفين والمنكرين لقيام المهدي عليهالسلام تتناول هذا الحديث ، وأشار إلى ذلك ابن خلدون ، في الوقت الذي تعد هذه المسألة على العكس من ذلك تماماً ، وأنّ انتظار هذا الظهور الكبير له آثار بناءة جداً ، سنشير إليها لاحقاً بشكل سريع ومختصر ، كي يتّضح أنّ مثل هذا الحكم يعدُ حكماً متسرعاً وغير دقيق أمام مسألة اشير إليها في القرآن المجيد ، وكذلك في الأحاديث المتواترة الواردة في الكتب المعروفة للسنّة ، والمصادر المشهورة للشيعة ، ومبيّنة بشكل صريح.
__________________
(١) تفسير در المنثور ، ج ٣ ، ص ٢٣١.